الخطاب ٦٣

استجابة يسوع لطلب الإيمان

"٣١وَأَخَذَ الاِثْنَيْ عَشَرَ وَقَالَ لَهُمْ: «هَا نَحْنُ صَاعِدُونَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَسَيَتِمُّ كُلُّ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ بِالأَنْبِيَاءِ عَنِ ابْنِ الإِنْسَانِ ٣٢لأَنَّهُ يُسَلَّمُ إِلَى الأُمَمِ وَيُسْتَهْزَأُ بِهِ وَيُشْتَمُ وَيُتْفَلُ عَلَيْهِ ٣٣وَيَجْلِدُونَهُ وَيَقْتُلُونَهُ وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ». ٣٤وَأَمَّا هُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوا مِنْ ذَلِكَ شَيْئاً وَكَانَ هَذَا الأَمْرُ مُخْفىً عَنْهُمْ وَلَمْ يَعْلَمُوا مَا قِيلَ. ٣٥وَلَمَّا اقْتَرَبَ مِنْ أَرِيحَا كَانَ أَعْمَى جَالِساً علَى الطَّرِيقِ يَسْتَعْطِي. ٣٦فَلَمَّا سَمِعَ الْجَمْعَ مُجْتَازاً سَأَلَ: «مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ هَذَا؟» ٣٧فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ مُجْتَازٌ. ٣٨فَصَرَخَ قَائِلاً: «يَا يَسُوعُ ابْنَ دَاوُدَ ارْحَمْنِي!». ٣٩فَانْتَهَرَهُ الْمُتَقَدِّمُونَ لِيَسْكُتَ أَمَّا هُوَ فَصَرَخَ أَكْثَرَ كَثِيراً: «يَا ابْنَ دَاوُدَ ارْحَمْنِي». ٤٠فَوَقَفَ يَسُوعُ وَأَمَرَ أَنْ يُقَدَّمَ إِلَيْهِ. وَلَمَّا اقْتَرَبَ سَأَلَهُ قَائِلاً: ٤١«مَاذَا تُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ بِكَ؟» فَقَالَ: «يَا سَيِّدُ أَنْ أُبْصِرَ». ٤٢فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَبْصِرْ. إِيمَانُكَ قَدْ شَفَاكَ». ٤٣وَفِي الْحَالِ أَبْصَرَ وَتَبِعَهُ وَهُوَ يُمَجِّدُ اللهَ. وَجَمِيعُ الشَّعْبِ إِذْ رَأَوْا سَبَّحُوا اللهَ" (لوقا ١٨: ٣١- ٤٣).

ينقسم هذا الجزء إلى قسمين: الآيات ٣١ إلى ٣٤ تشكل قسماً، والآيات ٣٥ إلى ٤٣ تشكل قسماً آخر. في القسم الأول نقرأ أن يسوع والتلاميذ توجهوا نحوا أورشليم. وكانت هذه هي المرة الأخيرة التي سيذهبون بها إلى هناك. كان ربنا قد زار أورشليم في مناسبات أخرى- رغم أنه بعد مغادرته الناصرة جعل وطنه في كفرناحوم الجليل- ولكنه الآن صاعد إلى أورشليم ليحقق الهدف الذي من أجله جاء من مجد الآب ونزل إلى هذا العالم البائس: لقد كان ذاهباً إلى أورشليم ليسلم حياته هناك ذبيحة عن الخطيئة. لقد كان يدرك بشكل كامل ما سيجري. غالباً ما يتكلم الناس وكأن ربنا قد أُخذ على حين غرة، وكأنه غامر كثيراً بذهابه إلى أورشليم حيث كان هناك كثيرون مناوئون له، وأنه كان ليحيا حياة أطول ويحقق المزيد لو كان أكثر احتراساً وحرصاً ولو بقي في الجليل حيث كان كثيرون يتعلمون كيف يعرفونه ويحبونه، إلا أن كل هذا هو مناقض لكلمة الله. طريقة تفكيره هذه تظهر بشكل واضح كيف أن الناس يسيئون فهم سر شخص المسيح. لقد نزل من السماء ليقدم حياته كفارة عن كثيرين، ولكن ما كان ليمكن أن يموت قبل أن يأتي الوقت المعين من قِبل الآب عندما يحين أوان تقديم تلك الذبيحة العظيمة. ما من إنسان كان ليستطيع أن يأخذ حياة يسوع منه. ولكن عندما جاءت الساعة المنتظرة منذ الأزل، والتي كانت ستنظر إليها كل المستقبل الأبدي إلى الوراء- عندما جاءت تلك الساعة، عندها أسلم هو حياته. وإذاً بمعرفة كاملة بما كان ينتظره، قال لتلاميذه: "هَا نَحْنُ صَاعِدُونَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَسَيَتِمُّ كُلُّ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ بِالأَنْبِيَاءِ عَنِ ابْنِ الإِنْسَانِ". لاحظوا أن كل ما كُتِبَ بالأنبياء من قِبَلِ أناسٍ مُلهَمين عن ابن الإنسان سيتحقق. كل الكتابات المقدسة "موحى بها من الله". ما من كلمة فيها تعوزها القوة. وهكذا أخبر ربنا تلاميذه أن كل ما كتبه الأنبياء كان على وشك أن يتحقق: أي كل ما يتعلق بمجيئه الأول. ابن الإنسان كان صاعداً إلى أورشليم لكي يموت عن خطيئة العالم.

كل نبوءة تتعلق بمجيئه الأول تحققت حرفياً بينما كان هنا على الأرض، أو عندما كان معلقاً على الصليب. بسبب ذلك يمكننا أن نكون متأكدين بأن كل نص كتابي يتعلق بالمجيء الثاني- ذلك المجيء المجيد الذي يشعر كثيرون بأنه سيحدث قريباً- سيتحقق تماماً كما كُتب. قال باتريك هنري إلى تجمع فيرجينيا: "ما من طريق لدي لمعرفة المستقبل سوى من خلال الماضي". وهكذا نحن أيضاً ما من طريق لدينا لمعرفة المستقبل سوى من خلال الماضي. استناداً إلى الماضي نعرف أن كل ما له علاقة بالمجيء الأول قد تحقق حرفياً؛ ولذلك فإن كل ما تم التنبؤ به بخصوص المجيء الثاني سيتحقق على نفس المنوال. يحاول كثيرون أن يروحنوا النبوءات ويحاولون أن يطبقوا الوعود على كنيسة الله التي كانت تشير أساساً إلى إسرائيل. كل الوعود والنبوءات ستتحقق كما كتب، وهكذا كان الحال خلال القرون الماضية.

أخبر الرب يسوع تلاميذه بأنه سيُسلّم إلى أيدي الأمم، وكان كذلك؛ وأنه سيُهزأ به، وكان كذلك؛ وأنه سيُعامل ببغضاء، وكان كذلك؛ وأنه سيُتفل عليه، ونعم، كان كذلك. ابن الله القدوس، بصقوا على وجهه الحبيب، وأساؤوا معاملته بكل الأشكال التي أوحى لهم بها التأثير الشيطاني؛ ومع ذلك فقد قدم حياته فدية عن خطاياهم. لقد رأى كل ذلك وكأنه قد تحقق لتوه، ولكنه مضى بثبات وإصرار لينجز عمل الفداء. لقد نظر إلى ما وراء الصليب وأخبر تلاميذه أنه في اليوم الثالث سيقوم. يفترض المرء أن أولئك الذين كانوا يستمعون إليه وهو يقول هذه الكلمات سيفهمون تماماً عما كان يتحدث؛ ولكن التلاميذ كانوا يتوقعونه أن ينزل إلى أورشليم ويعلن نفسه الملك الموعود، ويطيح ثوراً بسلطة رومانية، ويستعيد إسرائيل إلى مكانه الأول والبارز بين شعوب الأرض. لقد كانت هذه الأفكار تتملكهم جداً حتى أنهم عجزوا عن فهم حتى أوضح الكلمات التي تشير إلى الرفض الذي سيتلقاه، وصلبه، وقيامته الآتية. نقرأ أنهم "لَمْ يَفْهَمُوا مِنْ ذَلِكَ شَيْئاً وَكَانَ هَذَا الأَمْرُ مُخْفىً عَنْهُمْ وَلَمْ يَعْلَمُوا مَا قِيلَ". إنه لأمر ذو مغزى أنه بعد أن تحققت هذه النبوءات المتعلقة برفضه وموته، أن خصومه تذكروا ما كان تلاميذه قد نسيوه، إذ نقرأ أنهم جاؤوا إلى بيلاطس وقالوا: "قَدْ تَذَكَّرْنَا أَنَّ ذَلِكَ الْمُضِلَّ قَالَ وَهُوَ حَيٌّ: إِنِّي بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَقُومُ، فَمُرْ بِضَبْطِ الْقَبْرِ إِلَى الْيَوْمِ الثَّالِثِ لِئَلَّا يَأْتِيَ تَلاَمِيذُهُ لَيْلاً وَيَسْرِقُوهُ وَيَقُولُوا لِلشَّعْبِ إِنَّهُ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ". وقال بيلاطس: "عِنْدَكُمْ حُرَّاسٌ. اذْهَبُوا وَاضْبُطُوهُ كَمَا تَعْلَمُونَ". وهكذا فإنهم ذهبوا وصنعوا هذا بشكل مضمون؛ ولكنهم لم يستطيعوا أن يعرقلوا هدف الله ومقاصده. عندما جاء فجر اليوم الثالث نهض يسوع ظافراً من القبر. ولكن تلاميذه لم يفهموا؛ فقد كانت أذهانهم عمياء. لقد كانوا منشغلين بفكرة تأسيسه الفوري لملكوته وباستعادة إسرائيل، حتى عجزوا عن إدراك المعنى الحقيقي لكلماته.

في القسم الثاني لدينا قصة برتيماوس الأعمى. وفيها نرى الطريقة الرائعة التي يتجاوب فيها الله مع الإيمان، الذي بدونه "لاَ يُمْكِنُ إِرْضَاؤُهُ (الله)، لأَنَّهُ يَجِبُ أَنَّ الَّذِي يَأْتِي إِلَى اللهِ يُؤْمِنُ بِأَنَّهُ مَوْجُودٌ، وَأَنَّهُ يُجَازِي الَّذِينَ يَطْلُبُونَهُ" (عب ١١: ٦). لدينا هنا صورة جميلة، ودقيقة تاريخياً، ولكنها صورة جميلة عن مكافأة الإيمان. في طريقه إلى أورشليم، ماراً عبر بيرية، على الجانب الشرقي من نهر الأردن، شقّ ربنا طريقه عبر مخاضة النهر، إلى أرض اليهودية. وإذ كان يقترب من مدينة أريحا (ليست أريحا التي كانت في أيام يشوع؛ إذ أن تلك دُمرت، بل أريحا أخرى نهضت قرب موقع تلك المدينة القديمة)، نعلم أنه كان هناك "أَعْمَى جَالِساً علَى الطَّرِيقِ يَسْتَعْطِي". يخبرنا إنجيل متى أنه كان هناك أعميان، وأن يسوع شفى كليهما. أولئك الذين يروق لهم أن يجدوا أخطاء في الكتاب المقدس ويحاولون أن يكذبوا حقيقة الوحي فيه، يشيرون إلى هاتين الروايتين المختلفتين ويقولون: "هل يمكن أن تكون كلتا القصتين موحى بها؟ يقول كاتب أن هناك أعميين، ويقول الآخر أن هناك أعمى واحد فقط". ولكن لاحظوا أن لوقا لا يقول أنه كان هناك أعمى واحد؛ لا يقول أنه لم يكن هناك أحد آخر. مضى متى أبعد من لوقا وقال أنه كان هناك اثنان، وهذا صحيح. ولكن لوقا يركز انتباهنا على الأعمى الذي كان يتمتع بإيمان أكبر. ربما كان ذلك الآخر لديه درجة من الإيمان، ولكن برتيماوس كان بارزاً. وليس من تناقض هنا؛ الأمر ببساطة هو أن متى يقدم معلومات إضافية شاء الروح القدس أن يحجبها عن لوقا عندما كتب روايته تلك. كل حادثة في الأناجيل الأربعة قد يبدو فيها أحياناً تضارب أو تناقض يمكن تفسيرها بسهولة لو عرفنا فقط المزيد من الحقائق. كلمة الله كاملة؛ فهمنا هو الناقص. يخبرنا الإنجيل أنه "لَمَّا اقْتَرَبَ (يسوع) مِنْ أَرِيحَا كَانَ أَعْمَى جَالِساً علَى الطَّرِيقِ يَسْتَعْطِي. فَلَمَّا سَمِعَ الْجَمْعَ مُجْتَازاً سَأَلَ: «مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ هَذَا؟»". يا لها من صورة تدل على العجز والمحنة. أفترض أن هذا الرجل كان فاقداً للبصر لسنين طويلة، ولم يكن لديه أحد يُعنى به، ولذلك فقد كان يكسب معيشته بشكل غير مستقر أو ثابت بالتسول، جالساً يوماً بعد آخر على قارعة الطريق المؤدي إلى أريحا، لكي يتلقى هبات الجموع المارة. من زار فلسطين يجد أنه يستطيع بسهولة أن يتصور ذلك المشهد. سيرى المرء نفس الأمر اليوم: هناك أناس مرضى، منهم العميان، والمشوهين، يجلسون على طول الطريق، ويصرخون "بقشيش! بقشيش!" يبدو لي أننا سمعنا تلك الكلمة أكثر من أي كلمة أخرى طوال فترة مكوثنا في فلسطين. إنها تعني "عطية! صدقة!" أحياناً تجد حوالي ثلاثين أو أربعين يصرخون "بقشيش". يتوجع قلب المرء عندما ينظر إلى هؤلاء ويدك كم هم بؤساء وتعساء. وإذاً كان هناك هذا الرجل الأعمى، برتيماوس. "لَمَّا سَمِعَ الْجَمْعَ مُجْتَازاً سَأَلَ: «مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ هَذَا؟» فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ مُجْتَازٌ". يا لها من رسالة! "يَسُوع النَّاصِرِيَّ مُجْتَازٌ". يسوع، صديق الخطأة؛ ذاك الذي يتمتع بسلطة في صوته؛ ذاك الذي شفى البرص، والذي فتح، في مناسبات عديدة أخرى، أعين العميان. كان برتيماوس قد سمع بذلك الاسم. قال في قلبه: "إنه هو الذي يستطيع أن يفعل شيئاً لي!" شعر برتيماوس بحاجته. المشكلة لدى الكثيرين اليوم هي أنهم لا يشعرون بحاجتهم؛ إنهم قانعون وراضون عن ذاتهم كما هي. ليس لديهم إدراك لحالتهم الحقيقية أمام الله. شعر برتيماوس بحاجته: لقد عانى لسنين. لقد كان جادّاً وهو يصرخ قائلاً: "«يَا يَسُوعُ ابْنَ دَاوُدَ ارْحَمْنِي!»". لقد عبر عن نفسه بذكاء وبراعة. لقد أدرك حقيقة أن يسوع كان حقاً مسيا إسرائيل الموعود. وهذا ما يدل عليه استخدامه لهذه العبارة، "ابْنَ دَاوُدَ". لقرون عديدة كان الشعب ينتظر مجيء ابن داود الموعود، ذاك الذي كان سيأتيهم ببركة أبدية، وكان برتيماوس قد سمع ما فيه الكفاية عن يسوع لكي يقتنع في قرارة نفسه بان هذا هو الموعود. هذا إيمان حقيقي يستند على كلمة الله. "انْتَهَرَهُ الْمُتَقَدِّمُونَ لِيَسْكُتَ أَمَّا هُوَ فَصَرَخَ أَكْثَرَ كَثِيراً: «يَا ابْنَ دَاوُدَ ارْحَمْنِي»". كلما حاولوا إسكاته أكثر كلما رفع صوته عالياً أكثر قائلاً: "«يَا ابْنَ دَاوُدَ ارْحَمْنِي»". هناك بعض الناس الذين يعتقدون أنه أمر فظيع أن يصير القوم منفعلين دينياً قليلاً. إنهم لا يحبون العواطف في الدين، ولكنهم يُثارون بأي شيء آخر. يذهبون إلى مباراة كروية، ويصرخون بصوت أجش وهم يشاهدون أحدهم يركض خلف تلك الكرة الصغيرة وكأن هذا أورع شيء في العالم؛ ولكن عندما يذهبون إلى اجتماع للإنجيل يوجدون أناساً تواقين وقلقين في أنفسهم، يقولون: "هناك الكثير من الإثارة في ذلك". إن كان إنسان مندفع إلى المسيح ويشعر بالإثارة في نفسه، فإن هذا أمر يستحق الحماس. كثيرون يشبهون الكسلان في سفر الأمثال (٦: ١٠)، الذي قال: "قَلِيلُ نَوْمٍ بَعْدُ قَلِيلُ نُعَاسٍ وَطَيُّ الْيَدَيْنِ قَلِيلاً لِلرُّقُودِ". قَلِيلُ نَوْمٍ بَعْدُ وكثيرون سيستيقظون في الجحيم ولن يناموا بعدها. آن الأوان لأن نستيقظ ونتحمس، كما فعل برتيماوس هذا. إن لكم نفس يجب أن تخلّص؛ لكم نفس ستهلك إن لم تخلص، ويجب أن تكونوا جادين في مسألة خلاصكم.

ما كان برتيماوس ليرضى أن يبقى على قارعة الطريق؛ شعر بوجوب أن يصل إلى يسوع، ولذلك استمر في الصراخ. وما من أحد أبداً صرخ إلى يسوع عبثاً: "كُلَّ مَنْ يَدْعُو بِاسْمِ الرَّبِّ يَخْلُصُ" (رو ١٠: ١٣). ارفعوا قلوبكم إليه واصرخوا: "يَا يَسُوعُ ابْنَ دَاوُدَ ارْحَمْنِي!" وسوف يسمع ويستجيب. "وَقَفَ يَسُوعُ وَأَمَرَ أَنْ يُقَدَّمَ إِلَيْهِ. وَلَمَّا اقْتَرَبَ سَأَلَهُ قَائِلاً: «مَاذَا تُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ بِكَ؟»". هذا سؤال يُطرح اليوم: هل تريد شيئاً من يسوع؟ كن محدداً في ذلك. إن كنت غير مخلّص، ارفع بصرك إليه وهو يسألك هذا السؤال وقلْ: "يا رب، أود أن تخلّص نفسي، وأن تمنحني حياة أبدية، واليقين بأن لي سلاماً مع الله". إنه ينتظر أن يمنحك مطلبك. إن كنت في مشكلة أو محنة، فإنه على استعداد لأن يعطيك سلاماً وأن يسمع ابتهالك وتضرعك. ولكن تأكد من أن تطلب منه بإيمانٍ "غَيْرَ مُرْتَابٍ الْبَتَّةَ، لأَنَّ الْمُرْتَابَ يُشْبِهُ مَوْجاً مِنَ الْبَحْرِ تَخْبِطُهُ الرِّيحُ وَتَدْفَعُهُ" (يع ١: ٥). كان لدى برتيماوس إيمان حقيقي. لقد كانت لديه حاجة وكان يريد أن يسد احتياجه ذاك. "فقَالَ: «يَا سَيِّدُ أَنْ أُبْصِرَ». فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَبْصِرْ. إِيمَانُكَ قَدْ شَفَاكَ»". كانت هذه استجابة الله لطلب الإيمان: "إيمَانُكَ قَدْ شَفَاكَ". لقد ميز الرب الإيمان الذي كان في قلب هذا الرجل. ولذلك فإن برتيماوس لم يُشفَ فقط، بل خلص أيضاً. سيصنع المسيح نفس الأمر لك إن أتيت إليه كما فعل برتيماوس، بإيمان بسيط وتقدمت إليه بطلب.

لقد تلقى الجواب ونال مطلبه. ونقرأ: "فِي الْحَالِ أَبْصَرَ وَتَبِعَهُ وَهُوَ يُمَجِّدُ اللهَ. وَجَمِيعُ الشَّعْبِ إِذْ رَأَوْا سَبَّحُوا اللهَ". عندما نخلص، عندما نتلقى التبصر الروحي أنفسنا، عندما نتحرر، فإننا نكون مهتمين بالمسيح؛ نريد أن نتبعه وأن نكون في حضرته؛ نريد أن نلازمه وأن نكون معه؛ إننا نتمتع بالشركة معه، ويخفق القلب بالعبادة والتسبيح والشكران. وهكذا نقرأ أن برتيماوس مجّد الله. لم يكن مثل كثيرين ممن تلقوا عطايا الله الصالحة لم يفكروا في رفع قلوبهم إليه بكلمة إقرار واعتراف وشكر. تحرر هذا الرجل كان شهادة للجموع عندما رأوه يسبح الله، وهكذا يشهد للرب يسوع. أنتم ذوي الأعين المفتوحة، أنتم الذين تستطيعون أن تقولوا: "أَعْلَمُ شَيْئًا وَاحِدًا: أَنِّي كُنْتُ أَعْمَى وَالآنَ أُبْصِرُ"، هل تسعون للشهادة ليسوع، لكي ينجذب كثيرون إلى المسيح ويصلون إلى الإيمان به وتسبيحه؟