الخطاب ٤٢

المسؤولية بحسب النور

"٢٩وَفِيمَا كَانَ الْجُمُوعُ مُزْدَحِمِينَ ابْتَدَأَ يَقُولُ: «هَذَا الْجِيلُ شِرِّيرٌ. يَطْلُبُ آيَةً وَلاَ تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةُ يُونَانَ النَّبِيِّ. ٣٠لأَنَّهُ كَمَا كَانَ يُونَانُ آيَةً لأَهْلِ نِينَوَى كَذَلِكَ يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ أَيْضاً لِهَذَا الْجِيلِ. ٣١مَلِكَةُ التَّيْمَنِ سَتَقُومُ فِي الدِّينِ مَعَ رِجَالِ هَذَا الْجِيلِ وَتَدِينُهُمْ لأَنَّهَا أَتَتْ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَانَ وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ هَهُنَا. ٣٢رِجَالُ نِينَوَى سَيَقُومُونَ فِي الدِّينِ مَعَ هَذَا الْجِيلِ وَيَدِينُونَهُ لأَنَّهُمْ تَابُوا بِمُنَادَاةِ يُونَانَ وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ يُونَانَ هَهُنَا! ٣٣«لَيْسَ أَحَدٌ يُوقِدُ سِرَاجاً وَيَضَعُهُ فِي خُفْيَةٍ وَلاَ تَحْتَ الْمِكْيَالِ بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ لِكَيْ يَنْظُرَ الدَّاخِلُونَ النُّورَ. ٣٤سِرَاجُ الْجَسَدِ هُوَ الْعَيْنُ فَمَتَى كَانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيِّراً وَمَتَى كَانَتْ شِرِّيرَةً فَجَسَدُكَ يَكُونُ مُظْلِماً. ٣٥اُنْظُرْ إِذاً لِئَلاَّ يَكُونَ النُّورُ الَّذِي فِيكَ ظُلْمَةً. ٣٦فَإِنْ كَانَ جَسَدُكَ كُلُّهُ نَيِّراً لَيْسَ فِيهِ جُزْءٌ مُظْلِمٌ يَكُونُ نَيِّراً كُلُّهُ كَمَا حِينَمَا يُضِيءُ لَكَ السِّرَاجُ بِلَمَعَانِهِ»" (لوقا ١١: ٢٩- ٣٦).

نتعلم من خلال كل كلمة الله أن مسؤوليتنا تعتمد على النور الذي يمنحه الله لنا بسخاء. في أحد الأيام كتب لي جندي شاب من غينيا الجديدة البعيدة، قال: "لم أدرك أبداً في حياتي الوضع الحقيقي للوثنين إلى أن أتيت إلى هنا في غينيا الجديدة". أخبرني أنه احتك بالوثنيين الخام الذين لم يسمعوا أبداً بالمسيح ولم يعرفوا شيئاً عن الإنجيل. قال أنه أمر صعب بشكل فظيع أن تصدق أن هؤلاء الناس سيذهبون إلى الجحيم بسبب جهلهم "لا أستطيع أن أفهم ذلك. ألديك ما يساعدني على أن ألقي ضوءاً على هذه المشكلة؟" سألني. يمكن للإنسان أن يلجأ فقط إلى كلمة الله للاستنارة؛ ما من شيء يوجد في أي مكان آخر. في سفر أيوب (٣٤: ٢٣) نقرأ بشكل محدد أن الله سوف لن يحمّل أي إنسان أكثر مما يحتمل. في يوم الدينونة سوف يتعامل بعدل مع الجميع. ونعلم أن "مَنْ يَعْرِفُ أَنْ يَعْمَلَ حَسَناً وَلاَ يَعْمَلُ، فَذَلِكَ خَطِيَّةٌ لَهُ" (يعقوب ٤: ١٧). في الأصحاح الأول من رسالة رومية نقرأ أن الوثنية ليست خطوة أولية نحو نشوء الأديان كما يحاول كثيرون أن يظهروا، بل هي انحراف واضح لا لبسَ فيه. إنها انحطاط؛ إنها حالة سقط فيها البشر، لأنهم أشاحوا عن النور الذي أُعطي لهم مرة. لم يبدأ الإنسان كوثني وتطلع خارج الظلمة ساعياً وراء الله. لقد بدأ بإعلان كامل واضح لله. في البدء كان كل الناس لديهم الحق عن الله الواحد الحي. ولكن كثيرون لا يحبون أن يواجهوا تلك المعرفة اليوم؛ إنهم لا يحبون أن يدركوا أنه عليهم التعامل مع الله وأنه قدوس وبار بشكل لا متناهٍ. كان الحال هكذا في الدهور الماضية عندما تحول الناس عن الحق لأنهم لم يحبوا أن يحتفظوا بمعرفة الله.

في الأصحاح الأول من رسالة رومية نقرأ العبارة "أَسْلَمَهُمُ اللهُ" أربع مرات. لماذا؟ لأنهم تخلوا عنه. لقد تحولوا عنه وأداروا ظهرهم له. لقد رفضوا أن يسلكوا في النور الذي أُعطي لهم، ولذلك أسلمهم إلى الظلمة. ولكن حتى اليوم، ورغم أن الناس في ظلام، فكل امرئ لديه ضمير. كل إنسان يعرف شيئاً من الخطأ والصواب. ضميره الخاص يخبره بأن عليه أن يحبّ إخوته البشر؛ وأن عليه أن يكون عفيفاً ولطيفاً وصادقاً. ولكن بدلاً من ذلك، يتحول الناس ويصبحون غير أنقياء وغير لطفاء وغير صادقين؛ وضمائرهم طوال الوقت تدينهم على أعمال السوء التي يصنعوها. في يوم الدينونة سيتعامل الله مع هؤلاء الناس بحسب النور الذي كان لديهم والنور الذي رفضوه. سوف لن يلقي بالوثنيين إلى الجحيم فقط لأنهم لم يعرفوا ولم يؤمنوا بالرب يسوع المسيح عندما لم يحمل إليهم أحداً الرسالة؛ ولكن الوثنيين هالكون بسبب خطاياهم الذاتية، بسبب شرهم الذاتي، والإثمية التي سيدانون عليها. الحمد لله، إن "ابْن الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ". وهنا تقع مسؤوليتنا. علينا أن نذهب إليهم ونخبرهم كيف يخلصوا. ولكن دعونا نفترض أن هناك إنساناً وثنياً يعيش في الظلمة ويريد أن يعرف الطريق القويم، ويريد أن يكون مستقيماً باراً أمام الله؛ عندها أجرؤ على القول وأعتقد أن الله سوف يفعل شيئاً ليعطيه نوراً كافياً ليخلّصه. لنكن على يقين بأن الله سوف لن يسمح لإنسان بأن يهلك إن كان يرغب بالخلاص؛ إن الله سيعطيه نوراً بشكل أو بآخر.

ولكننا نحتاج إلى أن نكون مهتمين بأنفسنا. نحن الذين سمعنا الإنجيل وعرفنا المسيح، نحن الذين نعرف ما هي مسؤوليتنا،والذين سمعناها عبر السنين، ومع ذلك لم نفعل شيئاً حيالها! عندما كان ربنا يسوع هنا على الأرض، فإن أولئك الذي كان قد أُعطي لهم الإعلان في العهد القديم جاؤوا إليه يطلبون آية منه. كانت لديهم آية. كانت لديهم الكتاب المقدس. كان يجب أن يعرفوا من كان يسوع؛ كان يجب أن يعرفوا متى سيأتي المسيا، وأين سيولد؟ وأي نوع من الناس سيكون. ورغم اعترافهم بالإيمان بالكتاب المقدس، لم يفتشوا الكتابات المقدسة ليكتشفوا فيما إذا كان المسيح هو ابن الله. بل قالوا: "إننا نود أن نرى علامة من السماء"، علامة لتُرضي فضولهم.

أتذكر عندما كنت فتى، وكنت مهتماً جداً بنفسي، قرأت في الكتاب المقدس عن ملائكة يظهرون للبشر، فذهبت إلى غرفتي، أغلقت بابي وقلت: "يا ألله، ليتك ترسل ملاكاً لي ليعلن لي الأمور لكي أخلص". ولكن ما من ملاك ظهر، وأني مسرور لأجل ذلك الآن. فبدلاً من إرسال الملاك، أعادني الله إلى كلمته، ولم يمضي وقت طويل، من خلال الكلمة، حتى خلصت. تماماً كما جاء هؤلاء اليهود إلى يسوع يطلبون آية، إن كثيرين من جيلنا يطلبون آية. إنها الدليل على عدم إيماننا وعدم رغبتنا واستعدادنا بأن نثق بوعده لوحده. قال يسوع: "سوف لن يُعْطَى آيَةً إِلاَّ آيَةُ يُونَانَ النَّبِيِّ، فكما أن يُونَان كان فِي جَوْفِ الْحُوتِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ، كذلك فإن ابن الإنسان سيبقى ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ في جوف الأرض". بمعنى آخر، الآية التي كانت ستُعطى هي قيامة ربنا من بين الأموات. وللأسف، كثير من الناس لا يزالون يأتون يطلبون آية، ويرفضون أن يؤمنوا بالمخلّص القائم إزاء الدليل المتمثل في القبر الفارغ. قال (يسوع) إن ملكة الجنوب، أي ملكة سبأ، التي جاءت لتسمع سليمان المشهور بما يتعلق باسم الرب "سَتَقُومُ فِي الدِّينِ مَعَ رِجَالِ هذَا الْجِيلِ وَتَدِينُهُمْ، لأَنَّهَا أَتَتْ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَانَ، وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ ههُنَا! رِجَالُ نِينَوَى سَيَقُومُونَ فِي الدِّينِ مَعَ هذَا الْجِيلِ وَيَدِينُونَهُ، لأَنَّهُمْ تَابُوا بِمُنَادَاةِ يُونَانَ، وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ يُونَانَ ههُنَا!". كانت ملكة سبأ تعيش بعيداً جداً عن أورشليم، ولكن كان لديها قلب متعطش، وكانت تواقة أن تعرف حق الله. كانت قد سمعت أن هناك ملك عظيم في أورشليم أُعطيت له حكمة كبيرة، وكان يعرف الله الحقيقي وكان قادراً على أن يجيب على أسئلتها ويحل مشاكلها. ولذلك فقد آنت على نفسها أن تأتي إلى أورشليم مهما كلفها الأمر، وعندما التقت بسليمان وتبادلت الحديث معه، تأثرت جداً حتى أنها قالت: "هُوَذَا النِّصْفُ لَمْ أُخْبَرْ بِهِ". قال الرب يسوع أنه في يوم الدينونة ملكة سبأ ستقوم ضد الرجال والنساء الذين سنحت لهم الفرصة بأن يعرفوا الله، بأن يعرفوا الحق، بأن يعرفوا المسيح، ومع ذلك فلم يستفيدوا من هذا الامتياز الذي مُنح لهم. في يوم الدينونة، إن كنتم أنتم الذين تعيشون في أرض مسيحية، تستمرون كما أنتم، فإنكم يا من سمعتم الإنجيل يُقرأ ويُشرح من الطفولة، ومع ذلك لم تفتحوا قلبوكم ليسوع المسيح- إن ذهبتم إلى الأبدية على هذا النحو، فكم سيكون فظيعاً موقفكم عندما ترون ملكة سبأ تقف على جانبا ابن الله، تلك الملكة التي أصغت جيداً إلى الحق. سوف تشير إليكم بإصبعها وتقول: "لو عشتُ في الفترة التي كنتم فيها أحياء وحصلت على الفرص التي منحت لكم فكم كنت سأكون مسرورة إذا ما استفدت منها". إنه خطأ فادح فظيع أن تخطئ ضد النور الذي يمنحه الله لنا.

ثم قال ربنا لليهود ذوي البر الذاتي، أنه في يوم الدينونة، "رِجَالُ نِينَوَى سَيَقُومُونَ فِي الدِّينِ مَعَ هذَا الْجِيلِ وَيَدِينُونَهُ، لأَنَّهُمْ تَابُوا بِمُنَادَاةِ يُونَانَ، وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ يُونَانَ ههُنَا!" أناس كثيرون يرفضون قصة يونان، والبعض من الذين يقفون على المنبر المقدس في كنائسنا سيقولون أن هذه القصة زائفة وليس لها أي نصيب من الصحة؛ ولكن ربنا يسوع المسيح، ابن الله المتجلي في الجسد، قال أن يونان كان في جوف الحوت لثلاثة أيام وثلاثة ليالٍ، وهو كذلك سيكون لثلاثة أيام وثلاثة ليال في قلب الأرض. وهكذا وضع يسوع ختم تصديقه على ذلك السفر الصغير من العهد القديم الذي طالما رفضه وسخر منه اللّاأدريّين على طول الأيام والعصور. لقد كان يسوع يعرف يونان، وكان يعرف رجال نينوى، ومكتوب أن أهل نينوى تابوا. فكّروا في مواجهة أهل نينوى والوقوف أمامهم وهم ينظرون إليكم ويقولون: "لقد كانت لديكم امتيازات وفرص كثيرة، ومع ذلك فقد ازدريتم بها ورفضتموها. لقد آمنّا بأول رسالة سمعناها من الله. لقد آمنّا لأول مرة بنبي جاء ليعلن الحق الإلهي، ورحمنا الله وخلّصنا؛ ولكنكم سمعتم الكلمة مفسرة مراراً وتكراراً، وأشحتم عنها بسبب محبتكم للعالم. لقد كنتم مهتمين أكثر بإرضاء رغباتكم الطبيعية على الأرض أكثر من محاولة الحصول على مكان مقدس في السماء". رجال نينوى سيقومون في يوم الدينونة مع هذا الجيل ويدينونه، لأنهم تابوا، وأنتم لم تتوبوا. ألا فليمنحكم الله أن تتوبوا اليوم وأن تقولوا له: "لقد سمعتُ الكلمة مرات عديدة. وكان لدي الكثير من النور؛ ومع ذلك فقد كنت بعيداً عنه؛ وسرت في الظلام. والآن آتي معترفاً بخطاياي ومؤمناً بابنك".

عندما نتلقى النور عندها نكون مسؤولين عن نقله للآخرين. أعطى مخلّصنا مثل السراج المضاء، "لَيْسَ أَحَدٌ يُوقِدُ سِرَاجًا وَيَضَعُهُ فِي خِفْيَةٍ، وَلاَ تَحْتَ الْمِكْيَالِ، بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ، لِكَيْ يَنْظُرَ الدَّاخِلُونَ النُّورَ". إن كنتُ قد تلقيت النور من السماء فلا يجب أن أخفيه تحت السرير أو في مكيال أو في مكان مخفي. يجب ألا أسمح لأي شيء في حياتي العائلية أو عملي أن يعيقني عن إشراقي لله. أينما كنت ومهما كانت ظروفي، فإني مسؤول عن أن أنقل للآخرين النور الذي أعطانيه الرب. دعونا نواجه هذه الحقيقة بجدية، يا إخوتي وأخواتي المسيحيين. هل نسمح لشيء في سلوكنا بأن يبهت النور؟ ماذا عن جيراننا الذين في البيت الملاصق لنا؟ هل يؤمنون باعترافنا المسيحي، أم أن نورنا محتجب عنهم لا يستطيعون أن يروه، وحتى لا يعرفون أننا مسيحيون؟

عرفت مرة رجلاً كان مسافراً في فترة الصيف لكي يقطع خشباً من أشجار الغابة، وكان يتوقع أن يعود في الخريف. قلت له: "ستجد نفسك وسط أناس غير أتقياء، فليساعدك الله على أن تثبت في شهادتك". قال أنه سيكون على ما يرام. عاد بعد ثلاثة أشهر. قلت له: "يسرني أن أراك. كيف أمضيت هذا الصيف؛ هل وجدت مسيحيين آخرين هنا؟" قال: "لقد كنت الوحيد، ولكن لم أجد أي صعوبة في الأمر مع الناس غير المخلّصين. ففي الواقع، تدبرت أن أبقي الأمر مخفياً فلم يعرف أحد أني كنت مسيحياً". هذا هو إخفاء نورك، وهذا هو الأمر الذي قال الرب لنا ألا نفعله. إن كنت أعرف المسيح مخلّصاً لي، فبدلاً من أن أخفي الأمر علي أن أتكلم عنه، ليس فقط بكلمات فمي، بل أيضاً بحياتي. إن لم تتوافق كلمات الشفاه والحياة، فإن شهادتنا لن تكون بذات القيمة.

ويستخدم المخلّص مثلاً توضيحياً جميلاً: "سِرَاجُ الْجَسَدِ هُوَ الْعَيْنُ". ولذلك عندما تكون عيني بسيطة ("بسيطة" تعني حقاً "سليمة")، أي عندما تكون في حالة صحية، فإن الجسد كله يكون ممتلئاً بالنور. ليس لأقدامي عيون، ولكن أقدامي تعرف أين تمضي إذا ما كانت لدي عيون سليمة. ليست لأيدي عيون، ولكن أيدي تعرف كيف تنجز الأمور على نحو قويم إذا ما كانت لدي عيون سليمة. إن كانت لدي عيون سليمة فإن جسدي كله يكون ممتلئاً بالنور. من جهة أخرى، إن كانت عيني شريرة، أي إن كانت عيني مريضة، عندها كل الجسد يكون ممتلئاً ظلمة. عندما تكون عيني مريضة لا أستطيع أن أرى أين أمضي ولا أعرف كيف أستخدم يدي، أحتاج لأحد أن يوجّهني طوال الوقت. كمسيحيين يجب أن تكون أعيننا سليمة بسيطة. سنبقي أعيننا مثبتة على المسيح عندما تكون العين سليمة.

"عندما أثبت عيني على يسوع
لا أعود أرى أي شيء دونه؛
فبصري الروحي يكون مكبلاً،
ومحدّقاً إلى ذلك المصلوب".

عندما أنشغل في المسيح لا أجد صعوبة في تلمس طريقي عبر هذا العالم وأن أفعل ما يريد مني أن أصنعه، ولكني أحتاج إلى أن أكون منتبهاً لئلا يأتي شيئاً ويفقد بصري. من السهل أن نسقط في عادات تؤدي إلى ظلمة أخلاقية، أو ننشغل بأمور تعتّم البصيرة الروحية. انتبهوا إلى كملة الله؛ كرّسوا الرغبة بقراءة كلمة الله. ما من شيء سيقتل الرغبة بقراءة كلمة الله كمثل عادة قراءة الأدب التافه الرديء الذي يسود في أماكن كثيرة في عالمنا اليوم. لا يمكنكم أن تحصلوا على نور روحي على هذا النحو. يقول الناس: "لقد قرأت كتابي المقدس، ولكني لا أجد فائدة منه". السبب هو أن العين ليست سليمة؛ لقد صارت كليلةً، عمياء جزئياً ومنشغلة بأمور تقاوم حق الله والروح القدس الذي يسكن فيكم. من جهة أخرى، إن كانت عينك سليمة فإن جسدك كله يكون سليماً، وليس فيه ذرة من الظلام. وهكذا يؤكد ربنا بشدة على أهمية السير في النور المعطى لنا. فكروا في المسؤولية نحو أولئك الذين جاؤوا لتوهم إلى الله في المسيح، لكي تنقلوا ذلك النور إلى الآخرين، وتعيشوا هكذا أمام الله لكي تكون لديهم دائماً رؤية واضحة لأنفسهم فيصنعون ما يريده الله منهم، إن لم تتلقوا نور الحياة، إن لم تؤمنوا بالمسيح مخلّصاً لكم، فإني أحذّركم يا إخوتي، أن احذروا. كل الناس في الطبيعة هم في ظلام، ولكن هناك ما هو أسوأ من ذلك. عندما ترفضون النور المقدم لكم فإن الظلام والعتمة تصبح خطيرة جداً أكثر بكثير من العتمة التي وُلدتم فيها. نقرأ: "أَحَبَّ النَّاسُ الظُّلْمَةَ أَكْثَرَ مِنَ النُّورِ، لأَنَّ أَعْمَالَهُمْ كَانَتْ شِرِّيرَةً" (يو ٣: ١٩). إنها ظلمة متعمدة. إذا ما أصر الناس على المضي في الظلمة، وقد أداروا ظهرهم إلى النور، سيأتي يوم عندما يسلمهم الله إلى الظلمة القضائية. في إرميا ١٣: ١٦، نقرأ: "أَعْطُوا الرَّبَّ إِلهَكُمْ مَجْدًا قَبْلَ أَنْ يَجْعَلَ ظَلاَمًا، وَقَبْلَمَا تَعْثُرُ أَرْجُلُكُمْ عَلَى جِبَالِ الْعَتَمَةِ، فَتَنْتَظِرُونَ نُورًا فَيَجْعَلُهُ ظِلَّ مَوْتٍ، وَيَجَعْلُهُ ظَلاَمًا دَامِسًا". إن كنتم تصرون على محبة الظلمة أكثر من النور فإن الله سيقول لكم يوماً ما: "إن كنتم تريدون الظلمة فلتكن لكم"، وسوف تدخلون إلى العتمة إلى الأبد. هذا هو مصير أولئك الذين رفضوا النور: الظلام الأبدي.