الخطاب ٥٠

تقويم شعب منحنٍ

"١٠وَكَانَ يُعَلِّمُ فِي أَحَدِ الْمَجَامِعِ فِي السَّبْتِ ١١وَإِذَا امْرَأَةٌ كَانَ بِهَا رُوحُ ضُعْفٍ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً وَكَانَتْ مُنْحَنِيَةً وَلَمْ تَقْدِرْ أَنْ تَنْتَصِبَ الْبَتَّةَ. ١٢فَلَمَّا رَآهَا يَسُوعُ دَعَاهَا وَقَالَ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ إِنَّكِ مَحْلُولَةٌ مِنْ ضُعْفِكِ». ١٣وَوَضَعَ عَلَيْهَا يَدَيْهِ فَفِي الْحَالِ اسْتَقَامَتْ وَمَجَّدَتِ اللهَ. ١٤فَأَجَابَ رَئِيسُ الْمَجْمَعِ وَهُوَ مُغْتَاظٌ لأَنَّ يَسُوعَ أَبْرَأَ فِي السَّبْتِ وَقَالَ لِلْجَمْعِ: «هِيَ سِتَّةُ أَيَّامٍ يَنْبَغِي فِيهَا الْعَمَلُ فَفِي هَذِهِ ائْتُوا وَاسْتَشْفُوا وَلَيْسَ فِي يَوْمِ السَّبْتِ» ١٥فَأَجَابَهُ الرَّبُّ وَقَالَ: «يَا مُرَائِي أَلاَ يَحُلُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ ثَوْرَهُ أَوْ حِمَارَهُ مِنَ الْمِذْوَدِ وَيَمْضِي بِهِ وَيَسْقِيهِ؟ ١٦وَهَذِهِ وَهِيَ ابْنَةُ إِبْرَاهِيمَ قَدْ رَبَطَهَا الشَّيْطَانُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً أَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تُحَلَّ مِنْ هَذَا الرِّبَاطِ فِي يَوْمِ السَّبْتِ؟» ١٧وَإِذْ قَالَ هَذَا أُخْجِلَ جَمِيعُ الَّذِينَ كَانُوا يُعَانِدُونَهُ وَفَرِحَ كُلُّ الْجَمْعِ بِجَمِيعِ الأَعْمَالِ الْمَجِيدَةِ الْكَائِنَةِ مِنْهُ" (لوقا ١٣: ١٠- ١٧).

إذ نتأمل في هذه الرواية نتذكر بكل ما صنعه ربنا يسوع خلال خدمته الرائعة التي دامت ثلاث سنوات ونصف، وهو يجول من مكان إلى آخر يصنع الخير ويشفي كل الذين ربطهم الشيطان، ليجد نفسه الآن في صراع مع جماعة معينة من الناموسيين المتمسكين بالشكليات في إسرائيل والذين يعطون أهمية للممارسات الشكلية والظاهرية والطقوس المقدسة والشعائر الدينية أكثر من النفس البشرية. إلا أن نفس الإنسان بالنسبة إلى الله هي أهم من جميع هذه الشعائر والطقوس والممارسات. لم يترك ربنا يسوع فرصة إلا ووبّخ وندّد فيها لهذا النوع من الرياء. وهكذا أسماه تحديداً بالفعل.

يفضل الكثير من الناس اختيار الطريق الأسهل، لأنهم لا يريدون أن يحنوا قلبهم أمام الله وأن يكونوا أبرار أمامه فيركزون على الأشياء الخارجية- حضور الكنيسة، والطقوس الدينية، كالمعمودية أو عشاء الرب، أو يطورون خدمات شعائرية. إنهم يؤكدون على هذه الأشياء أكثر من الاعتراف بالمسيح ربّاً والتركيز على خلاص البشر. هناك بعض دروس روحية نتعلمها هنا من ربنا. لقد كان يعلّم في أحد مجامع كفرناحوم يوم السبت. ربما كان هذا هو نفس المجمع الذي تم اكتشافه في أيامنا هذه. بينما كان يعلّم هناك في يوم السبت لاحظ أمامه امرأة بائسة فقيرة أشفق عليها في الحال. عَلِمَ أن "بِهَا رُوحُ ضُعْفٍ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً وَكَانَتْ مُنْحَنِيَةً وَلَمْ تَقْدِرْ أَنْ تَنْتَصِبَ الْبَتَّةَ". ربما كان ذلك التهاب مفاصل أو نوع من اضطراب في العمود الفقري جعلها تنحني إلى الأسفل. لا بد أنها كانت قد ذهبت إلى الأطباء وطلبت المعونة وأخفقت في الحصول عليها. ولكن ما إن نظر إليها الرب، حتى تحركت قلبه نحوها في حنو، ودَعَاهَا وَقَالَ لَهَا: "يَا امْرَأَةُ إِنَّكِ مَحْلُولَةٌ مِنْ ضُعْفِكِ". ليس من الضرورة أن يكون لدينا نوع من الألم والمعاناة نحتمله ولكن الرب ينظر إلينا في حنو، وهو على استعداد لأن يقدم لنا النعمة التي نحتاج إليها، وأحيانا يشفينا إن كانت إرادته لنا هي في ذلك؛ وإن لم تكن إرادته في أن يشفينا فإنه سيعطينا النعمة التي نحتاج إليها لتؤازر نفسنا في وسط التجارب، لكي نتعلم أن نمجّد الله وسط الضيقة وأن نبتهج حتى في أمراضنا وأسقامنا.نظر يسوع إلى هذه المرأة البائسة الفقيرة بحنو، دعاها إليه. وهو يفعل نفس الأمر معنا اليوم. إنه ينظر إلينا؛ ولديه حنو نحونا، وهو يدعونا ويطلب منا أن نأتي إليه وأن نجلب إله كل عِلاتنا وهمومنا، ومصاعبنا، وما يحيرنا ويربكنا، مؤكداً لنا أنه على استعداد بأن يُعنى بنا بطريقته الخاصة العجيبة.

غادرت المرأة مكانها وتقدمت نحوه. وكانت أعين الجميع من كان في المجمع مثبتة عليها. أتخيل أنها كانت شخصاً متواضع المظهر نوعاً ما؛ وكان جسدها المحني البائس يشهد على ألمها ومعاناتها، ولكن كم تبدل كل شيء عندما جاءت ووقفت أمام الجميع! وضع الرب يديه عليها- تلك اليدين التي لطالما ارتفعتا بالبركة؛ تلك اليدين اللتان وضعهما على أين العميان، فانفتحت؛ تلك اليدان التي وُضعت على البرص، فتطهر البرص؛ تلك اليدان التي لن تلبث أن تُسمر بالمسامير على الصليب- وضع تلك اليدين على تلك المرأة البائسة، وشعرت برعشة الحياة الجديدة تسري في كل جسدها؛ وتلك المرأة التي كانت محنية الظهر اسْتَقَامَتْ فِي الْحَالِ وَمَجَّدَتِ اللهَ، كما يخبرنا الإنجيل. لقد أدركت أن ذاك الذي صنع لها تلك المعجزة لا بد أن يكون خادم الله، لأنها أدركت حقيقة أن الشفاء كان من الرب. كم دخلت عميقاً تلك المرأة إلى حقيقة ألوهية المخلص، لا أستطيع أن أقول؛ ولكنها أدركت على الأقل أن قوة الله قد قامت بتلك المعجزة. ربما نتوقع أن الجميع الحاضرين هناك كانوا سيبتهجون ابتهاجاً عظيماً، حتى أن أنشودة شكر وتسبيح تصاعدت من أفواه الجمع الذي شهد هذا التجلي لمحبة الله وقدرته. ولكن رغم أن ذلك كان صحيحاً بالنسبة إلى البعض، إلا أنه كان هناك أولئك الذين نظروا إليها بأعين مليئة بالغيرة والحسد المرير في قلوبهم. حتى رئيس المجمع كان ساخطاً ناقماً. بالنسبة له كان هذا مقاطعة خرقاء وفيها انتهاك للخدمة المقدسة. لم يتكلّم إلى يسوع وجهاً لوجه، بل التفت إلى الجمع وقال: "هِيَ سِتَّةُ أَيَّامٍ يَنْبَغِي فِيهَا الْعَمَلُ فَفِي هَذِهِ ائْتُوا وَاسْتَشْفُوا وَلَيْسَ فِي يَوْمِ السَّبْتِ". ولكن الله يجد مجداً أكبر في تحرير من آلامهم، جسدياً وروحياً، أكثر من أي خدمة دينية شكلية سطحية. قال ربنا يسوع المسيح: "يَا مُرَائِي". هذه الكلمة "مُرَائِي" هي الكلمة اليونانية التي تُستخدم مع الممثلين، وهي تعني حرفياً "وجه ثاني". ما كان الممثلون اليونانيون يظهرون على خشبة المسرح مظهرين وجوههم أنفسهم، بل كانوا يضعون أقنعة، ولذلك فقد كان الممثل يُدعى "الوجه الثاني". أطلق ربنا الكلمة هنا على ذاك الذي لم يكن صادقاً- "يَا مُرَائِي"، يا ذو الوجهين! هكذا فضح يسوع النفاق والكذب والرياء عند هذا الرجل، الذي كان يظهر أمام الناس بشكل معين ولكن بشكل آخر تماماً أمام الله. لقد كان مختلفاً كلياً في بيته، وربما مختلفاً كلياً في عمله وفي علاقاته مع باقي الناس أكثر مما كان كرئيس للمجمع. هناك كثيرون منافقون مراؤون على هذا النحو لا يزالون: رجال ونساءٌ أيضاً، يمكن أن يكونوا أتقياء وورعين عندما يكونون في الكنيسة ولكنهم يكونون عكس ذلك عندما يُبرمون صفقات كبيرة خلال الأسبوع؛ أو أولئك الذين يجعلون الجميع بؤساء تعساء في البيت بسبب المزاج العنيف والسلوك القاسي والصعب في التعامل مع العائلة. يصوّر بنيان شخصاً كهذا قائلاً: "قديس في الخارج وشيطان في البيت". له وجهان. وجه للعامة، ووجه آخر للعلاقات الأخرى. هناك كثيرون يستاؤون إذا ما تكلم الواعظ على هذا النحو، إنهم لا يرغبون في أن تكون لديهم خطيئة تُدعى "خطيئة"؛ لا يريدون أن يزعجهم أي شيء في ما يسمّونه "ممارساتهم الدينية". لقد عرف ربنا هذا الرجل، وكشف فساد قلبه بقوله: "يَا مُرَائِي أَلاَ يَحُلُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ ثَوْرَهُ أَوْ حِمَارَهُ مِنَ الْمِذْوَدِ وَيَمْضِي بِهِ وَيَسْقِيهِ؟ وَهَذِهِ وَهِيَ ابْنَةُ إِبْرَاهِيمَ قَدْ رَبَطَهَا الشَّيْطَانُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً أَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تُحَلَّ مِنْ هَذَا الرِّبَاطِ فِي يَوْمِ السَّبْتِ؟” عندما كانوا يخدمون حيواناتهم في يوم السبت لم تكن لديهم مشكلة في ذلك؛ ولكن عندما شفى يسوع امرأة بائسة متألمة وحررها من داءٍ أعجزها لثمانية عشر سنة، نظروا إلى هذا الأمر باستياء. لكن هذه المرأة كانت ابنة إبراهيم وقد قيّدها إبليس: أي، أنها كانت امرأة آمنت بالله كما فعل إبراهيم؛ لقد كانت ابنة صادقة للعهد. لم تكن يهودية بالولادة الطبيعية فقط، ولم تكن فقط منحدرة من نسل إبراهيم، بل كانت امرأة مؤمنة، رغم البلوى التي قيّدها بها الشيطان. لقد كانت تؤمن بالله؛ وكان لديها إيمان به. نقرأ أن "الَّذِينَ هُمْ مِنَ الإِيمَانِ يَتَبَارَكُونَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ الْمُؤْمِنِ". لقد كانت امرأة مؤمنة والآن تمت مكافأة إيمانها. لقد شُفيت من سقمها، وأولئك الذين كان يجب أن يبتهجوا ويفرحوا راحوا يتذمرون ويدمدمون.

لاحظوا كيف أن يسوع يعزو بشكل محدد سقمها إلى الشيطان نفسه. لا يأتي المرض بشكل مباشر أبداً من الله. الله نقيٌّ بشكل لا محدود؛ ليس من فساد فيه. كل مرض، وكل داءٍ يمكن أن يصيب أي إنسان هو النتيجة المباشرة أو غير المباشرة للخطيئة. لا تسيئوا فهمي. لا أقصد القول أن خطايا المرء الذاتية الشخصية هي المسؤولة عن أمراضه. ستكون قسوة إن اتخذنا هذا الموقف الذي كان قد اتخذه أصدقاء أيوب، في أن البؤس والكارثة تأتي فقط إلى ذاك الشخص الذي تكون لديه خطيئة شخصية. ولكن ما من أحد كان ليمرض لو لم تدخل الخطيئة إلى العالم بسقوط آدم. هناك مرات عديدة يُنزل الشيطان بطرية خاصة جداً عقاباً على شعب الله، ولكنه يستطيع ذلك فقد إذا ما أعطاه الله الإذن. وهذا يظهر بشكل واضح عندما ذهب الشيطان أمام الله، وقال الله: "هَلْ جَعَلْتَ قَلْبَكَ عَلَى عَبْدِي أَيُّوبَ؟ لأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهُ فِي الأَرْضِ". فأجاب الشيطان: "أَلَيْسَ أَنَّكَ سَيَّجْتَ حَوْلَهُ وَحَوْلَ بَيْتِهِ وَحَوْلَ كُلِّ مَا لَهُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ؟ بَارَكْتَ أَعْمَالَ يَدَيْهِ فَانْتَشَرَتْ مَوَاشِيهِ فِي الأَرْضِ! وَلَكِنِ ابْسِطْ يَدَكَ الآنَ وَمَسَّ كُلَّ مَا لَهُ فَإِنَّهُ فِي وَجْهِكَ يُجَدِّفُ عَلَيْكَ". أعطى الله الشيطان الإذن بأن يختبر أيوب على هذا النحو، فانطلق الشيطان وأخذ كل شيء منه: أولاده، بناته، وكل ممتلكاته. الأمر الوحيد الذي تركه لأيوب هو زوجة ذات مزاج سيء؛ وكل شيء آخر كان قد مضى وذهب. ولكن أيوب رفع عينيه إلى الله وقال: "الرَّبُّ أَعْطَى وَالرَّبُّ أَخَذَ فَلْيَكُنِ اسْمُ الرَّبِّ مُبَارَكاً". فوقف الشيطان أمام وجه الله مرة أخرى، فقال له الله: "هَلْ جَعَلْتَ قَلْبَكَ عَلَى عَبْدِي أَيُّوبَ؟ لأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهُ فِي الأَرْضِ. رَجُلٌ كَامِلٌ وَمُسْتَقِيمٌ يَتَّقِي اللهَ وَيَحِيدُ عَنِ الشَّرِّ. وَإِلَى الآنَ هُوَ مُتَمَسِّكٌ بِكَمَالِهِ، وَقَدْ هَيَّجْتَنِي عَلَيْهِ لأَبْتَلِعَهُ بِلاَ سَبَبٍ". فَأَجَابَ الشَّيْطَانُ وَقَالَ: "«جِلْدٌ بِجِلْدٍ، وَكُلُّ مَا لِلإِنْسَانِ يُعْطِيهِ لأَجْلِ نَفْسِهِ. وَلكِنْ ابْسِطِ الآنَ يَدَكَ وَمَسَّ عَظْمَهُ وَلَحْمَهُ، فَإِنَّهُ فِي وَجْهِكَ يُجَدِّفُ عَلَيْكَ». فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: «هَا هُوَ فِي يَدِكَ، وَلكِنِ احْفَظْ نَفْسَهُ». فَخَرَجَ الشَّيْطَانُ مِنْ حَضْرَةِ الرَّبِّ، وَضَرَبَ أَيُّوبَ بِقُرْحٍ رَدِيءٍ مِنْ بَاطِنِ قَدَمِهِ إِلَى هَامَتِهِ. فَأَخَذَ لِنَفْسِهِ شَقْفَةً لِيَحْتَكَّ بِهَا وَهُوَ جَالِسٌ فِي وَسَطِ الرَّمَادِ". يعتبر بعض الأطباء أن هذا كان شكلاً من الفُيال ۱، وهو مرض كريه يرافقه ألمٌ مُمِضّ. قالت له امرأته: "بَارِكِ اللهِ وَمُتْ!" ولكن أيوب قال: "أَالْخَيْرَ نَقْبَلُ مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَالشَّرَّ لاَ نَقْبَلُ؟” لقد أظهر الله للشيطان أن محبة أيوب كانت له (لله) وحده. وعلى نفس النحو يُسمح للشيطان لأن يُجرّب شعب الله. يُسمح له بأن يصيبهم بالمرض؛ ولكن الرب سيحيل كل ذلك إلى بركة إن تعلّمنا أن نقبل المرض على أنه من يده بالذات وليس لأسباب أخرى.

في هذه الحالة، لاحظوا من جديد الطريقة التي يفر بها الرب المسألة: "أَمَا كَانَ يَنْبَغِي لهذه المرأة.... وقَدْ رَبَطَهَا الشَّيْطَانُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً أَنْ تُحَلَّ مِنْ هَذَا الرِّبَاطِ". أتلاحظون ما فعل الرب؟ لقد قوّم امرأة محنية الظهر. بالطبع كان مرضها جسدياً بدنياً، ولكن أعتقد أن هناك درساً روحياً لنا هنا. على مر كل القرون من ذلك الزمان، هذا ما كان الإنجيل يفعله- يجعل الناس المحنيين منتصبي القامة. الخطيئة تجعلنا محنيي الظهر. جميعنا ضللنا. "الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ". "لاَ إِنْسَانٌ صِدِّيقٌ فِي الأَرْضِ يَعْمَلُ صَلاَحًا وَلاَ يُخْطِئُ". إنه يرى الانحناء فينا جميعاً؛ ولكن عندما نأتي إلى المسيح يستطيع أن يقوينا. حياة بعض الناس محنية أكثر من الآخرين. بعض الناس يمكن أن يغطوا انحناءهم عن أعين إخوتهم البشر. ولكن عبثاً يحاولون أن يخفوا انحناءهم عن الله. هناك كثيرون لم يأتوا أبداً إلى موضع يستطيعون فيه أن يعترفوا بانحناءهم، ويقرون بخطيئتهم، ويواجهون حالتهم الحقيقية أمام الله. إنه يرغب أن يصنع شيئاً لهم؛ إنه يريد أن يقوّمهم، ولكنهم يرفضون أن يأتوا غليه، لأنهم لا يدركون حاجتهم إلى رحمته ونعمته.

احد أكثر الأشخاص انحناءً قد عرفته على الإطلاق كان رجلاً منحنياً في عمله. كل من تعامل معه وجد انه كان يغشهم. ولكنه عندما جاء إلى المسيح لم يستغرق وقتاً طويلاً قبل أن صار الناس يقولون: "أتعرفون السيد فلان، لقد صار إنساناً مختلفاً: إنه مستقيم في كل تعاملاته". كثير من الناس منحنون أخلاقياً، وفُجّارٌ، ومستسلمين إلى عادات شريرة؛ ولكنهم جاؤوا إلى يسوع، وآمنوا به واتكلوا عليه، فجعلهم مستقيمين منتصبين. لا يمكننا أن نفعل ذلك بأنفسنا ولأنفسنا. الرب وحده يستطيع أن يُقوّمنا. إن كنتم محنيين أخلاقياً، وحاولتم أن تقوّموا أنفسكم ولم تستطيعوا ذلك، فإني أناشدكم: تعالوا على يسوع؛ انظروا إليه؛ اعترفوا بإخفاقكم وخطيئتكم له، وستجدون أنه قادر على أن يُقوّمكم. إنه ليس فقط يحسّن حياتكم القديمة؛ بل إنه يعطيكم حياة جديدة. عندما تقبلون هذه الحياة الجديدة ستتعلّمون أن تكرهوا الأشياء التي كنتم تحبونها يوماً وتتعلّمون أن تحبوا الأشياء التي كنتم تبغضونها يوماً.

بالرجوع إلى قصتنا- لدينا صورة عما يستطيع يسوع أن يفعله لكل الناس المحنيين الذين يأتون إليه- نعلم من النص أن يسوع "إِذْ قَالَ هَذَا أُخْجِلَ جَمِيعُ الَّذِينَ كَانُوا يُعَانِدُونَهُ وَفَرِحَ كُلُّ الْجَمْعِ بِجَمِيعِ الأَعْمَالِ الْمَجِيدَةِ الْكَائِنَةِ مِنْهُ". من الواضح أنه كان هناك كثيرون إلى جانب الرؤساء الذين كانوا معارضين ومعاندين له، وكثير من اليهود المنتقدين ليسوع والذين كانوا ساخطين، بسبب شفائه للمرأة البائسة في يوم السبت. ولكنهم أُخجلوا؛ لم يجرأوا على أن يقولوا أي كلمة أخرى. وكل الناس، أي عامة الناس- الناس الذين أحبوا أن يسمعوا كلمات يسوع وأن يروا أعمال اقتداره- "فَرِحَ كُلُّ الْجَمْعِ بِجَمِيعِ الأَعْمَالِ الْمَجِيدَةِ الْكَائِنَةِ مِنْهُ". الحمد لله، إنه لا يزال يقوم بالأمور المجيدة! لا يزال يقوّم الناس المحنيين؛ لا يزال يحرر الناس من أسقامهم وأمراضهم. إن كنتم، يا من تسمعون هذه الرسالة، لم تعرفوا عمل رحمة الله الرائعة في حياتكم الخاصة، فإنه يطلب منكم أن تأتوا إليه كما أنتم، وهو سوف يُقوّمكم.


۱. - الفُيال: (elephantiasis ): تضخُّمٌ وتصلُّب يُصيبان بعض أعضاء الجسم. [المترجم].