الخطاب ٢٥

المسيح والمرأة الخاطئة

"٣٧وَإِذَا امْرَأَةٌ فِي الْمَدِينَةِ كَانَتْ خَاطِئَةً إِذْ عَلِمَتْ أَنَّهُ مُتَّكِئٌ فِي بَيْتِ الْفَرِّيسِيِّ جَاءَتْ بِقَارُورَةِ طِيبٍ ٣٨وَوَقَفَتْ عِنْدَ قَدَمَيْهِ مِنْ وَرَائِهِ بَاكِيَةً وَابْتَدَأَتْ تَبُلُّ قَدَمَيْهِ بِالدُّمُوعِ وَكَانَتْ تَمْسَحُهُمَا بِشَعْرِ رَأْسِهَا وَتُقَبِّلُ قَدَمَيْهِ وَتَدْهَنُهُمَا بِالطِّيبِ. ٣٩فَلَمَّا رَأَى الْفَرِّيسِيُّ الَّذِي دَعَاهُ ذَلِكَ تَكَلَّمَ فِي نَفْسِهِ قَائِلًا: «لَوْ كَانَ هَذَا نَبِيًّا لَعَلِمَ مَنْ هَذِهِ الْمَرْأَةُ الَّتِي تَلْمِسُهُ وَمَا هِيَ! إِنَّهَا خَاطِئِةٌ». ٤٠فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «يَا سِمْعَانُ عِنْدِي شَيْءٌ أَقُولُهُ لَكَ». فَقَالَ: «قُلْ يَا مُعَلِّمُ». ٤١«كَانَ لِمُدَايِنٍ مَدْيُونَانِ. عَلَى الْوَاحِدِ خَمْسُ مِئَةِ دِينَارٍ وَعَلَى الآخَرِ خَمْسُونَ. ٤٢وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَا يُوفِيَانِ سَامَحَهُمَا جَمِيعًا. فَقُلْ: أَيُّهُمَا يَكُونُ أَكْثَرَ حُبًّا لَهُ؟» ٤٣فَأَجَابَ سِمْعَانُ وَقَال: «أَظُنُّ الَّذِي سَامَحَهُ بِالأَكْثَرِ». فَقَالَ لَهُ: «بِالصَّوَابِ حَكَمْتَ». ٤٤ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الْمَرْأَةِ وَقَالَ لِسِمْعَانَ: «أَتَنْظُرُ هَذِهِ الْمَرْأَةَ؟ إِنِّي دَخَلْتُ بَيْتَكَ وَمَاءً لأَجْلِ رِجْلَيَّ لَمْ تُعْطِ. وَأَمَّا هِيَ فَقَدْ غَسَلَتْ رِجْلَيَّ بِالدُّمُوعِ وَمَسَحَتْهُمَا بِشَعْرِ رَأْسِهَا. ٤٥قُبْلَةً لَمْ تُقَبِّلْنِي وَأَمَّا هِيَ فَمُنْذُ دَخَلْتُ لَمْ تَكُفَّ عَنْ تَقْبِيلِ رِجْلَيَّ. ٤٦بِزَيْتٍ لَمْ تَدْهُنْ رَأْسِي وَأَمَّا هِيَ فَقَدْ دَهَنَتْ بِالطِّيبِ رِجْلَيَّ. ٤٧مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَقُولُ لَكَ: قَدْ غُفِرَتْ خَطَايَاهَا الْكَثِيرَةُ لأَنَّهَا أَحَبَّتْ كَثِيرًا. وَالَّذِي يُغْفَرُ لَهُ قَلِيلٌ يُحِبُّ قَلِيلًا». ٤٨ثُمَّ قَالَ لَهَا: «مَغْفُورَةٌ لَكِ خَطَايَاكِ». ٤٩فَابْتَدَأَ الْمُتَّكِئُونَ مَعَهُ يَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ: «مَنْ هَذَا الَّذِي يَغْفِرُ خَطَايَا أَيْضًا؟». ٥٠فَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «إِيمَانُكِ قَدْ خَلَّصَكِ! اِذْهَبِي بِسَلاَمٍ»" (لوقا ٧: ٣٦- ٥٠).

كم يُسر الله بأن يقدم نعمته إلى كبار الخطأة! لقد كان يزعج الفريسيين دائمًا أن يظهر الرب يسوع هكذا اهتمام عميق لأولئك الذين كانوا محتقرين ومنبوذين بسبب حياتهم الشريرة. كان قلبه ينسكب نحو هؤلاء. فهو لم يأتِ ليدعو الأبرار، بل الخطأة إلى التوبة. أذكر أني سمعت كارزًا عظيمًا قبل سنين كثيرة يقول: "كم هو صعب أن نجد الخطأة؛ إني على استعداد لأن أذهب إلى أي مكان لأجد خاطئًا يعترف بحاجته إلى مخلّص". نقرأ في أمثال ٢٠: ٦: "أَكْثَرُ النَّاسِ يُنَادُونَ كُلُّ وَاحِدٍ بِصَلاَحِهِ أَمَّا الرَّجُلُ الأَمِينُ فَمَنْ يَجِدُهُ؟" إن حاولتَ أن تكلّم معظم الناس عن المخلّص وحاجته إليه، سيشرعون في الحال بإخبارك بحسناتهم الذاتية الكثيرة. يحاولون أن يدافعوا عن أنفسهم بقوة، فيخفون خطاياهم ويصرّون على صلاحهم.

في كلمة الله، ستجد أنه كلما حاول الناس أن يبرروا أنفسهم، يعجز الله عن مساعدتهم. ولكن عندما يعترفون بحاجته ويعترفون بخطيئتهم، فإنه يستطيع أن يخلّصهم.

لقد لفتتُ الانتباه قبلًا إلى حقيقة أننا نقرأ في هذا الإنجيل عن أمثلة عديدة يتناول فيها المخلّص الطعام مع الآخرين. لوقا، الذي يصور يسوع على أنه الإنسان الكامل، يرينا إياه على مائدة الطعام. ما من مكان يمكن للإنسان أن يشعر بالارتياح وأن يظهر شخصيته الحقيقية بمقدار ما يكون على مائدة الطعام مع أصدقاء جيدين حوله وطعام طيّب أمامه. لم يرفض الرب يسوع دعوة أحد إلى الطعام، ورغم أنه كان يعرف أن هناك دائمًا دافعًا خفيًا ما وراء الدعوة. وهكذا نجده هنا قد قبِل دعوة هذا الفريسي ومضى إلى بيته لأجل الطعام، وكان لتوه قد اتكأ إلى الطاولة قبل أن تجري هذه الحادثة اللافتة.

علينا أن نتذكر أن اليهود ما كانوا معتادين على الجلوس إلى طاولات وكراسي كما حالنا الآن. الطاولة نفسها كانت عمومًا على شكل حدوة حصان وكان الضيوف يتكئون إليها من الخارج، على أرائك. كان الواحد منهم يأخذ مجلسه ويتكئ مستندًا إلى كوع يده، ويتناول الطعام بيده الأخرى. وبهذه الطريقة كان يمكن للخدام أن يمروا بسهولة ليغسلوا أقدام الضيوف، لأنها تكون بعيدة عن المائدة.

وهناك خارج الباب، تنظر امرأة بائسة إلى الداخل. ليس لدي شك في أن عددًا من أولئك الذي في البيت كانوا يعرفون من كانت تلك المرأة. لم تكن لها شخصية أو اعتبار، بل كان الجميع يحتقرها، ومع ذلك فقد كانت تريد أن ترى يسوع وأن تنشد الراحة من عبء الخطيئة التي تحمله. كان قلبها مكتئبًا وكانت تتوق إلى التحرر وإلى التطهر. عادة ما ننظر نظرة دونية إلى أولئك الخطاة، ونقول: "شكرًا لله لأننا لسنا مثلهم". ولكن قلما ندرك كم أن بعضًا منهم قريب من ملكوت السماوات؛ أقرب من أولئك ذوي البر الذاتي. لقد كانت امرأة خليعة. طوال القرون كان الناس المحترمون ينظرون إلى أمثالهها نظرة دونية حافلة بالاحتقار. ولكن علينا أن نتذكر أنه ما من امرأة ساقطة ما لم يكن هناك رجل يوقعها في حالتها المزرية التعيسة. ذاك المسؤول عن حالة المرأة البائسة يكون مقبولًا في المجتمع عضو صالح، بينما هي التي سقطت تكون خارجًا. قال يسوع إِنَّ الْعَشَّارِينَ وَالزَّوَانِيَ يَسْبِقُونَ الفرّيسيين قساة القلوب إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ.

أتخيل هذه المرأة تفكر في نفسها: "لو استطعتُ فقط أن أصل إلى يسوع لفهم، وسيعرف كيف يتعامل معي". وعلى الأرجح أن الخدام كانوا قد أبقوا عيونهم عليها. ولكن في لحظة غفلة منهم انسلّت إلى الداخل وركعت على ركبتيها بجوار الأريكة حيث كانت قدمي يسوع المكشوفتين. وانفجرت بالدموع وإذ كانت تدرك حاجتها إلى التطهر، راحت تغسل أقدام يسوع بدموعها وتجففها بشعرها الجميل. بذلك الشعر الجميل الذي طالما أغرت به أولئك الرجال ليأتوا إلى بيت العار لديها كانت الآن تمسح قدمي يسوع. لقد كانت منهمكة في تقبيل قدميه. وهذا أزعج الفريسي. أدرك يسوع أفكار ذلك الرجل. "فَلَمَّا رَأَى الْفَرِّيسِيُّ الَّذِي دَعَاهُ ذلِكَ، تَكَلَّمَ فِي نَفْسِهِ قِائِلًا: لَوْ كَانَ هذَا نَبِيًّا، لَعَلِمَ مَنْ هذِهِ الامَرْأَةُ الَّتِي تَلْمِسُهُ وَمَا هِيَ! إِنَّهَا خَاطِئَةٌ". أتساءل كيف عرف الفريسي كل ذلك. لقد كان يعرف هذه المرأة. كان يعرف الحياة التي عاشتها. كان الفريسي ليصرفها ويبعدها. ولكن يسوع لم ينفر منها. إنه لا يفعل ذلك أبدًا نحو أي خاطئ. لقد عرف يسوع من هي تلك المرأة التي لمسته وعرف كيف كانت تسلك في حياتها. ولكن هذا هو السبب في أنه رحّب بها. لقد جاء ليفدي الخطأة. لقد كان قلبه يبتهج عندما يأتي أمثال هؤلاء تائبين إليه.

لقد قرأ أفكار سمعان، وعرف كل أفكارها. لقد كانت تفكر بأنها ليست مستحقة لأن تأتي إلى هنا ومع ذلك كانت على يقين من أن يسوع سيفعل شيئًا لأجلها. التفت يسوع إلى سمعان، وما إن تكلم سمعان حتى أجابه يسوع: "يَا سِمْعَانُ، عِنْدِي شَيْءٌ أَقُولُهُ لَكَ". فَقَالَ سمعان: "قُلْ، يَا مُعَلِّمُ". قال يسوع: "كَانَ لِمُدَايِنٍ مَدْيُونَانِ. عَلَى الْوَاحِدِ خَمْسُمِئَةِ دِينَارٍ وَعَلَى الآخَرِ خَمْسُونَ". خمسمئة دينار لا تعني الكثير لنا بحسب قيمة الدينار حاليًا، ولكن بالنسبة إلى مقاييس تلك الأيام كانت تعني مقدارًا كبيرًا جدًا من المال. هناك بعض الناس الذين يدركون أنهم خطأة جدًا وأنهم خالفوا ناموس الله ويشعرون باليأس والعجز- هؤلاء هم الخطأة ذوي الخمسمئة دينار. ولكن هناك آخرون يقولون أنهم ليسوا أشرارًا وأنهم يعرفون أنهم لم يطيعوا دائمًا ناموس الله، ولكنهم لم يقصدوا أن يرتكبوا الخطأ؛ لقد فشلوا هنا وهناك، ولكن بالمبدأ هم صالحون جدًا. هؤلاء هم الخطأة ذوي الخمسمئة دينار.

كانت معلّمة في مدرسة الأحد تقول لطلاب صفها بنوعين من الخطيئة- خطايا التفويض وخطايا الإهمال، وأننا مسؤولون عن كليهما. وسألت: "ما هي خطايا التفويض؟" فأجاب الأولاد: "إنها الخطايا التي نرتكبها". ثم سألت: "وما هي خطايا الإهمال؟" فأجاب أحد الأولاد: "إنها الخطايا التي أردنا أن نرتكبها، ولكن نسينا أن نفعل ذلك". ليس هذا هو التعريف الصحيح. ولكن كلما أخفقتم في القيام بالأمر الذي عليكم أن تفعلوه، فهذه في الحقيقة خطيئة لها نفس عقاب الأشياء الشريرة التي صنعتموها. خطأة الخَمْسُونَ دينارًا ليس لديهم ما يدفعونه، وكذلك الأمر خطأة الخمسمئة دينار. سواء كنتم تدركون ذلك أم لا، إن كنتم خطأة كبار، أو صغار، أو كيفما كنتم، تبقى الحقيقة نفسها، وهي "أَنَّهُ لاَ فَرْقَ. إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ". كيف تستطيعون أن تعوضوا عن خطاياكم؟ تلك الكذبة التي كذبتموها! لا يمكنكم التراجع عنها! وتلك المرة التي حلفتم فيها باسم الله باطلًا! لا تستطيعون أن تكفروا أبدًا عن الخطأ الذي ارتكبتموه تجاه الله وتجاه اسمه. وتلك المرة التي سقطتم فيها في عمل شرير مشين! لا يمكنكم التكفير عما فعلتم تجاه الله أو تجاه من أخطأتم إليه. إنك مدينون جدًا وليس لديكم ما تفعلونه لتكفروا عن أخطائكم أو لتسوية الأمور، فماذا ستفعلون حيال هذا؟ تابع يسوع كلامه قائلًا: "إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَا يُوفِيَانِ (لمدينهما) سَامَحَهُمَا جَمِيعًا". تلك مجرد صورة عن نعمة الله في المسيح. من خلال عمل يسوع على صليب الجلجثة، يستطيع الله أن يغفر لكل خاطئ يأتي إليه تائبًا.

يُحكى أن رجلًا نبيلًا إيرلنديًا غريب الأطوار اهتدى قبل بضعة سنوات، وكان خلاصه موضع استغراب وتعجب في ذلك الريف. لقد كان ممتلئًا بالإحساس بنعمة الله حتى راح يجول كارزًا، وصار الناس ينادونه بـ "النبيل المجنون". وفي إحدى المناسبات أرسل إشعارًا بأنه سيكون في مكتبه في يوم معين من الساعة ١٠ إلى ١٢، وأنه سيكون على استعداد لأن يسوّي ديون كل المستأجرين الذين يأتون إليه في ذلك الوقت. بعض الناس لم يستطيعوا قراءة ذلك ولكن سألوا آخرين أن يقرأوا الإشعار لهم. وكثيرون لم يصدقوا ذلك. وهكذا راحوا يتكلموا عن الأمر، ومرت الأيام، وأخيرًا جاء ذلك اليوم المعين، وذهب الناس إلى مكتبه. عند الساعة العاشرة تمامًا، توقفت عربته أمام مكتبه، ودخل النبيل إلى المكتب مع أمين صندوقه. في الخارج كان المستأجرون يتكلمون فيما بينهم إن كان فعلًا يقصد ما قاله. ما كانوا يستطيعون تصديق ذلك. وفي حوالي الساعة الحادية عشرة والنصف، جاء رجل عجوز مع زوجته الطاعنة في السن وهما يعرجان، وكان مع العجوز عددًا من الفواتير في يده، وسأل: "هل صحيح أن سيادته سيدفع ديوننا؟" فأجابوه: "لماذا لا تدخل وتحاول ذلك؟" لقد كان تواقًا لأن يتحرر من الدين، فقرر أن يقوم بذلك. دخل العجوز وزوجته إلى المكتب ليروا إن كان سيادة هذا الرجل النبيل سيدفع ديونهم. في الخارج كان الماس ينتظرون بترقب ليروا ما سيحدث إذ أن الرجل أعطى الفواتير إلى النبيل. فقال الرجل لأمين سرّه أن يجمع كل فواتير ذلك الرجل وأن يعطيه شيكًا بالمبلغ. فشكره العجوز قائلًا: "شكرًا جزيلًا لك يا سيد. لقد تجاوزتُ الثمانين من العمر، والآن أستطيع وزوجتي أن نموت بعد أن دُفعت ديوننا. والآن علينا أن نذهب ونخبر الآخرين". إلا أن الرجل النبيل أجاب: "لقد صدّقتم عرضي بإيمانكم وبما أنكم صدّقتموني دُفعت ديونكم. على الآخرين أن يفعلوا الأمر نفسه". كان الناس في الخارج ينتظرون ويستغربون من تأخر خروج العجوزين. وأخيرًا دقت الساعة الثانية عشر، وفُتح الباب، وخطا الرجل النبيل خارجًا ومعه العجوزان. سأل الآخرون الرجل العجوز إن كانت ديونه قد دُفعت. فقال: "نعم". وهنا تدافع الحشد يطلبون أن تُدفع ديونهم أيضًا. ولكن الرجل النبيل قال: "يا أصدقائي، لقد منحتكم الفرصة لأن تأتوا، وكنت لأدفع كل شي، ولكنكم لم تصدقوني، ولذلك سيتوجب عليكم الآن أن تدفعوا ديونكم بأنفسكم". وبعدها راح يستخدم هذا المثل التوضيحي كأساس ليكرز بالإنجيل لهم. إن لم تأتوا إلى المسيح، فعندها لا أحد غيركم يلام إن اضطُررتم لمواجهة يوم حساب الدينونة الرهيب ذاك.

"إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَا يُوفِيَانِ سَامَحَهُمَا جَمِيعًا. فَقُلْ: «أَيُّهُمَا يَكُونُ أَكْثَرَ حُبًّا لَهُ؟» فَأَجَابَ سِمْعَانُ وَقَالَ: أَظُنُّ الَّذِي سَامَحَهُ بِالأَكْثَرِ». فَقَالَ لَهُ:«بِالصَّوَابِ حَكَمْتَ»". قال يسوع: "نعم، بالصواب أجبت. أنت مثل ذلك الخاطئ ذي الخمسين دينارًا، لم تعتقد أنك صنعت الكثير من الخطأ، ولكن عندما أتيت إلى منزلك، لم تصنع لي الأشياء التي تُجرى للضيوف في البيوت العادية. لم تجعل خادمك يغسل رجليّ، وَأَمَّا هِيَ فَقَدْ غَسَلَتْ رِجْلَيَّ بِالدُّمُوعِ وَمَسَحَتْهُمَا بِشَعْرِ رَأْسِهَا. قُبْلَةً لَمْ تُقَبِّلْنِي، وَأَمَّا هِيَ فَمُنْذُ دَخَلْتُ لَمْ تَكُفَّ عَنْ تَقْبِيلِ رِجْلَيَّ. مِنْ أَجْلِ ذلِكَ أَقُولُ لَكَ: قَدْ غُفِرَتْ خَطَايَاهَا الْكَثِيرَةُ، لأَنَّهَا أَحَبَّتْ كَثِيرًا. وَالَّذِي يُغْفَرُ لَهُ قَلِيلٌ يُحِبُّ قَلِيلًا. ثُمَّ قَالَ لَهَا يسوع:«مَغْفُورَةٌ لَكِ خَطَايَاكِ». لماذا غُفرت؟ ألأنها غسلت أقدام يسوع؟ ألأنها مسحتهما بشعرها؟ لا أبدًا على الإطلاق. لقد صنعت هذه الأشياء لأنها أتت إليه تائبة وكان ذلك تعبيرًا عن محبتها له.

قَالَ لَهَا: «مَغْفُورَةٌ لَكِ خَطَايَاكِ». من يستطيع أن يغفر الخطايا سوى الله وحده؟ "«مَنْ هذَا الَّذِي يَغْفِرُ خَطَايَا أَيْضًا؟»". ابْتَدَأَ الْمُتَّكِئُونَ مَعَهُ يَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ. لم يفهموا أنه كان الله متجليًا في الجسد. متجاهلًا إياهم، التفت يسوع إلى المرأة وقال: "«إِيمَانُكِ قَدْ خَلَّصَكِ، اِذْهَبِي بِسَلاَمٍ»". أستطيع أن أتخيلها تهرع راجعة إلى بيتها، وتقول في نفسها: "يجب أن أطهّر كل شيء الآن. يجب أن أزيل تلك الصور الفاحشة من على الجدران، وتلك الكتب الرديئة يجب أن أخرجها من المنزل". ولعل أحدهم رآها ولاحظ تعابير وجهها المختلفة والتغير الذي طرأ على سلوكها وتصرفها، وسألها عن السبب، فقالت أن الحياة القديمة قد انتهت وبدأت حياة جديدة.

هذا ما يفعله يسوع للخطأة. إن لم تضع إيمانك فيه بعد، فهلّا تفعل ذلك الآن؟ اتّخذ منه مخلّصًا لك وستسمعه يقول لك: "خَطَايَاك، وإن كانت كثيرة، جميعُها مَغْفُورَةٌ لَك".