محاضرة ١٢

السقوط مِنَ النِّعْمَةِ

(غل ٥:‏ ١-‏ ٦)

"فَاثْبُتُوا إِذاً فِي الْحُرِّيَّةِ الَّتِي قَدْ حَرَّرَنَا الْمَسِيحُ بِهَا، وَلاَ تَرْتَبِكُوا أَيْضاً بِنِيرِ عُبُودِيَّةٍ. هَا أَنَا بُولُسُ أَقُولُ لَكُمْ:‏ إِنَّهُ إِنِ اخْتَتَنْتُمْ لاَ يَنْفَعُكُمُ الْمَسِيحُ شَيْئاً! لَكِنْ أَشْهَدُ أَيْضاً لِكُلِّ إِنْسَانٍ مُخْتَتِنٍ أَنَّهُ مُلْتَزِمٌ أَنْ يَعْمَلَ بِكُلِّ النَّامُوسِ. قَدْ تَبَطَّلْتُمْ عَنِ الْمَسِيحِ أَيُّهَا الَّذِينَ تَتَبَرَّرُونَ بِالنَّامُوسِ. سَقَطْتُمْ مِنَ النِّعْمَةِ. فَإِنَّنَا بِالرُّوحِ مِنَ الإِيمَانِ نَتَوَقَّعُ رَجَاءَ بِرٍّ. لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لاَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئاً وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ".

في الإصحاح الخامس والسادس لدينا القسم الثالث من الرسالة، وهو القسم العملي. إنه يرينا ما يحدث في حياتنا إذا ما ثبتنا في الحقيقة المباركة بأن الخلاص هو كلياً بالنعمة بالإيمان بالمسيح يسوع، ولذلك يبدأ على هذا النحو:‏ "اثبتوا إذاً". لماذا؟ بسبب العمل الذي أنجزه المسيح والذي من خلاله كل من يؤمن ليس فقط يتحرر من الدينونة الناجمة عن خطاياه، وليس فقط يتحرر من قصاص انتهاك الناموس، بل يتحرر من الناموس نفسه ويدخل في ناموس المسيح. فالمؤمن يسلك الآن في مكان لم يكن معروفاً قبلاً أبداً. إنه في الأسفل هنا في هذا العالم، نعم هذا صحيح، ولكنه ليس بدون ناموس، ليس تحت الناموس، بل هو خاضع للرب يسوع المسيح، وهكذا يؤتى به إلى الحرية المجيدة-‏ الحرية، بالطبع، في ألا يفعل إرادة الإنسان الطبيعي، وألا يطيع إملاءات الجسد، بل الحرية التي تمجد الله، وتُحلّي عقائد المسيح بحياة مقدسة منتصرة إذ يعبر هذا العالم. هذه هي الحرية التي أتى بنا المسيح إليها، والآن أن نعود إلى نظام تشريعي ما كمثل ذاك الذي في اليهودية أو ذلك المنتشر في العالم المسيحي اليوم يعني أن نصبح "مُرْتَبِكُين أَيْضاً بِنِيرِ عُبُودِيَّةٍ".

خلال القرون التي كان اليهود فيها تحت الناموس، ما من أحد منهم وجد الخلاص بممارسة الناموس الطقسي أو إطاعة الناموس المُعطى على جبل سيناء، لأن الجميع أخفقوا وهذا جعلهم جميعاً تحت الدينونة. لكن المسيح جاء بنا إلى الحرية. فكم هي حماقة منّا إذاً أن نعود تحت الناموس الذي يولّد العبودية وحسب. أمكن لبولس أن يقول:‏ "لقد كنت في تلك العبودية مرةً، ولكني تحررتُ منها، وأنتم أيها الوثنيون لم تعرفوا أبداً تلك العبودية، ولكنكم تعرفون شيئاً من الحرية التي في المسيح. أستعودون الآن إلى تلك العبودية التي أعتق الله كل يهودي يخلّصه منها؟ إنها لحماقة أن تتخذوا خطوة كهذه. ولكن إن أردتم أن تفعلوا ذلك فمن الأفضل لكم أن تذهبوا إلى نهاية المطاف، لأنه لا يمكنكم أن تتخذوا أوامر معينة وتقولون:‏ "سأطيع تلك الأشياء" لأن الله يقول:‏ "«مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ لاَ يَثْبُتُ فِي جَمِيعِ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ النَّامُوسِ لِيَعْمَلَ بِهِ»" (غل ٣:‏ ١٠).

"هَا أَنَا بُولُسُ أَقُولُ لَكُمْ:‏ إِنَّهُ إِنِ اخْتَتَنْتُمْ لاَ يَنْفَعُكُمُ الْمَسِيحُ شَيْئاً!". هذا يعني، إذا اعتمدوا على طقس الختان من أجل خلاص نفوسهم فإنهم يتجاهلون المسيح. إنه يقول أنه إذا ضل أحدهم لوهلة وقَبِلَ تعليمَ هؤلاء المهودين، يخسر المسيح، بل إنه كان اعتمادهم على هذه الأشياء، فإنهم يستخفون بالمسيح. "لَكِنْ أَشْهَدُ أَيْضاً لِكُلِّ إِنْسَانٍ مُخْتَتِنٍ أَنَّهُ مُلْتَزِمٌ أَنْ يَعْمَلَ بِكُلِّ النَّامُوسِ". إذا اتخذتم الخطوة الأولى، فاذهبوا إلى نهاية الطريق، لأن الناموس هو واحد. لا يمكنكم أن تأخذوا منه ما يسرّكم وترفضون الباقي. "قَدْ تَبَطَّلْتُمْ عَنِ الْمَسِيحِ أَيُّهَا الَّذِينَ تَتَبَرَّرُونَ بِالنَّامُوسِ. سَقَطْتُمْ مِنَ النِّعْمَةِ". بالطبع إن المعنى الحقيقي هو أنه إذا كان أحد يسعى وراء التدبير بالناموس، فإنه يطلب أن يكون مستقيماً في عيني الرب على أساس جهوده البشرية الذاتية. إنك تقول:‏ "حسناً. لقد أمر الله شعبه أن يقوم بها". نعم، في العهد القديم، ولكننا نقرأ أن:‏ "الناموس كان مؤدبنا (معلم طفولتنا) إلى المسيح". أما الآن وقد جاء المسيح فما عدنا تحت مؤدبٍ. إن عدتم للناموس فإنكم تضعون المسيح جانباً. لا يمكنكم أن تربطوا بين مبدأي الناموس والنعمة.

في رومية نعلم أنه إن كان الخلاص "بِالنِّعْمَةِ فَلَيْسَ بَعْدُ بِالأَعْمَالِ وَإِلاَّ فَلَيْسَتِ النِّعْمَةُ بَعْدُ نِعْمَةً. وَإِنْ كَانَ بِالأَعْمَالِ فَلَيْسَ بَعْدُ نِعْمَةً وَإِلاَّ فَالْعَمَلُ لاَ يَكُونُ بَعْدُ عَمَلاً" (رو ١١:‏ ٦). يجب أن يكون الأمر على أحد الشكلين، إما أن تنال خلاصك بجهودك الذاتية، أو تقبله كعطية أو هبة مجانية من الله. إن آمنتَ بالمسيح مخلصاً لك تكون قد اقتبلته عطيةً. وإن فعلتَ أي شيء لتستحقه، أو عملتَ من أجله، أو اتبعته، فسوف لن يكون عطيةً. ولذلك نقرأ:‏ "أَمَّا الَّذِي يَعْمَلُ فَلاَ تُحْسَبُ لَهُ الأُجْرَةُ عَلَى سَبِيلِ نِعْمَةٍ بَلْ عَلَى سَبِيلِ دَيْنٍ. وَأَمَّا الَّذِي لاَ يَعْمَلُ وَلَكِنْ يُؤْمِنُ بِالَّذِي يُبَرِّرُ الْفَاجِرَ فَإِيمَانُهُ يُحْسَبُ لَهُ بِرّاً" (رو ٤:‏ ٤، ٥). ولذلك، وإن عدت إلى الناموس بعد أن عرفت المسيح، فإنك تنحّي مخلصك جانباً عن عمدٍ. "وتسقط من النعمة".

هذا تعبير يجده كثيرون مهماً جداً. جاء رجل إلى صديق لي، وهو قسٌ ميثودي، وقال:‏ "إني أفهم أنكم أنتم الميثوديين تؤمنون بالسقوط من النعمة، أهذا صحيح؟"

فقال:‏ "أفهم أنكم أنتم المشيخيون تؤمنون بسرقة الخيول".

  • "كلا. لسنا كذلك".
  • "حسناً. أفلا تؤمنون بأنه يمكن لرجل أن يسرق خيولاً؟"
  • "نعم، لكننا لن نفعل ذلك".
  • "حسناً. إننا نؤمن أنه من الممكن للناس لأن يسقطوا من النعمة ولكننا لا نؤمن بفعل ذلك".

ولكن ما الذي تقصده بالقول "السقوط من النعمة"؟ هنا لدينا تعبير من الكتاب المقدس:‏ "سقطتم من النعمة". في الواقع كان من الأفضل أن تُترجم على الشكل التالي:‏ "لقد سقطتم بعيدين عن النعمة"-‏ لقد تنحيتم عن النعمة. هل يعني هذا أنه إذا ما كان إنسان مرة مسيحياً ولكن سقط في نوع ما من الخطيئة أنه يفقد خلاصه ولا يعود مسيحياً؟ إن كانتْ تعني ذلك يكفُّ عن أن يكون مسيحياً كل يوم. لأنه ما من إنسان في اي مكان لا يرتكب خطيئة من نوع ما كل يوم، خطايا الفكر، أو القول، أو الفعل. لكن السقوط من النعمة لا يعني الغوص في الخطيئة، والغوص في الفجور أو أي أعمال شريرة أخرى، بل يعني تحول عن المعيار المسيحي الكامل والواضح والسامي بأن الخلاص هو بالنعمة فقط نزولاً إلى المستوى المتدني في محاولة أن يحافظ المرء على خلاصه بجهود بشرية. ولذلك فإن رجلاً يقول:‏ "لقد خلصت بالنعمة. ولكن استمراري الآن يعتمد على مساعي الذايتة"، يكون قد سقط من النعمة. هذا هو معنى العبارة "يسقط من النعمة".

لا يهمني ما تتخيلون أن تفعلوه لكي تبقوا مخلصين. فأياً كان الأمر إنكم تضعون أنفسكم على أساس شرعي إذا ما كنتم، وبعد إيمانكم بالرب يسوع المسيح، تفكرون أن خلاصكم يصير مضموناً أكثر بالمعمودية وبالمشاركة في عشاء الرب، وبتقديم الأموال، وبالانضمام إلى الكنيسة. إن فعلتم هذه الأشياء لكي تساعدكم على خلاص نفوسكم، فإنكم بذلك تسقطون من النعمة. إنكم تخفقون في إدراك أن الخلاص هو بالنعمة وحدها، بعطية الله ومنّته التي لستم مضطرين لعمل شيء لأجل استحقاقها. قد يسأل سائل:‏ "ألا تعتقد بضرورة القيام بهذه الأشياء؟" في الواقع، نعم. ولكن ليس لكي أخلّص نفسي، بل بدافع المحبة للمسيح.

"سوف لن أَسْعَ لأستحق،
ذلك العمل الذي قام به الرب،
بل سأعمل كمثل أي خادم،
بدافع الحب لابن الله العزيز".

إن الطاعة المسيحية لا تقوم على أساس الناموس بل الحب للمسيح.

إنها نعمة الله العاملة في النفس هي التي تجعل المؤمن يبتهج في القداسة، وفي البر، وفي طاعة مشيئة الله، لأن الفرح الحقيقي يوجد في خدمة الرب يسوع المسيح. أذكر إنساناً عاش حياة حافلة بالخطيئة. بعد اهتدائه قال له أحد أصدقائه القدامى:‏ "يا بيل، إني أشفق عليك أنت الرجل الذي عاش مغامراً محلّقاً في الأعالي إلى ذاك الحد، والآن قد ركنْتَ، وتذهب إلى الكنيسة أو تبقى في المنزل وتقرأ الكتاب المقدس وتصلي. فلم تَعُدْ تمضي أوقات طيبة كما في السابق".

فقال الرجل:‏ "ولكن يا بوب. إنك تفهم. فأنا أستطيع أن أشرب (أسكر) في أي وقت أشاء. واذهب إلى المسرح أنما شئت. وأرفض عندما أريد. وألعب الورق وأقامر في أي وقت أرغب".

فقال صديقه:‏ "أحقاً يا بيل؟ لم أكن أعتقد ذلك. لقد ظننت أنه عليك أن تتخلى عن كل هذه الأشياء لكي تكون مسيحياً".

قال بيل:‏ "لا يا بوب. لقد أخذ الرب كل رغباتي (أي "أريد") عندما خلص نفسي، وجعلني خليقة جديدة في المسيح يسوع".

إننا لا نضع شروطاً على الرب ونقول له:‏ "إن كنت ستخلصني فلن أفعل كذا، بل سأفعل كذا". بل إننا نأتي إليه وأيدينا فارغة ونقول:‏ "يارب، لا أستطيع أن أفعل أي شيء لأخلص نفسي. لك أن تفعل ذلك بنعمتك المجانية الخاصة. وإلا فإني خاسر ضالٌ إلى الأبد". والآن إن كنا، كمسيحيين، ننزل إلى مستوى أدنى من ذلك المستوى الرفيع ونبقى نحاول أن نجعل من أنفسنا مقبولين لدى الله ببعض المساعي والجهود البشرية فإننا بذلك نسقط من النعمة. نعم إننا نؤمن حقاً أنه من الممكن أن نسقط من النعمة، ونؤمن أيضاً أن حوالي ثلاثة أرباع العالم المسيحي قد سقطوا من النعمة. لا أقصد القول أنهم لن يذهبوا إلى السماء بل أقصد أن كثير من المسيحيين الحقيقيين انحطوا إلى مستوى متدن للغاية. إنهم منشغلون جداً بمساعيهم الذاتية الخاصة بدلاً من الانشغال بعمل ربنا يسوع المسيح المنجز المجيد.

"فإننا بالروح". إن كل شيء بالنسبة للمؤمن هو بالروح. الروح القدس جاء ليسكن فينا، والله يعمل عمله فينا بالروح. ولذلك فبدلاً من الجهود البشرية، وبدلاً من محاولة أن نفعل شيئاً لكي ننال حظوة إلهية، فإننا نسلم ذواتنا لروح قدس الله لكي يعمل فينا ومن خلالنا لمجد ربنا يسوع المسيح. "فَإِنَّنَا بِالرُّوحِ مِنَ الإِيمَانِ نَتَوَقَّعُ رَجَاءَ بِرٍّ". ما هو رجاء البر؟ إنه المجيء الثاني لربنا يسوع المسيح واحتشادنا معاً للقاءه. لقد جُعلنا الآن بر الله في المسيح، ومع ذلك ففي كل يوم نندب إخفاقاتنا. إننا لا نرتقي إلى القمم التي نرغب بها. وفي كل ليلة نركع أمام الله ونعترف بخطايانا. إلا أننا نتوق بأمل سعيد إلى الوقت الذي يأتي فيه يسوع ثانية ويحول أجساد مذلّتنا هذه، وعندها سنكون مثله تماماً.

"سريعاً أجتاز الصحراء الموحشة،
قريباً سأودع الألم،
لا حزن أو قلق بعد اليوم.
لا خطيئة ثانية أبداً أبداً"

"إِذَا أُظْهِرَ نَكُونُ مِثْلَهُ، لأَنَّنَا سَنَرَاهُ كَمَا هُوَ" (١ يوحنا ٣:‏ ٢).

"لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لاَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئاً وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّة". سواء كان الإنسان يهودياً أم أممياً فلا فرق بينهما، سواء كان حافظاً للناموس متصلباً أو عابد أوثان، فليس من فرق. "إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ" (رو ٣:‏ ٢٣). عندما يضع الناس رجاء إيمانهم على الرب يسوع المسيح فإن الروح القدس يأتي ويسكن فيهم، ونقول أنهم "في المسيح" و"إِذاً لاَ شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُونَةِ الآنَ عَلَى الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ" (رو ٨:‏ ١). ذلك لأننا وإلى الأبد مرتبطون بابنه، الرب يسوع المسيح. إن أعمالنا البشرية وطقوسنا الدينية لا تفيد من ناحية تبرير النفس. ما الذي ينفع إذاً؟ "الإيمان العامل في المحبة". وإذ نسلك في صحبة الرب يسوع المسيح، وإذ أن قلوبنا مأخوذة به، والإيمان يجعل المسيح حقيقياً "وَأَمَّا الإِيمَانُ فَهُوَ الثِّقَةُ بِمَا يُرْجَى وَالإِيقَانُ بِأُمُورٍ لاَ تُرَى" (عب ١١:‏ ١). سوف نجد الثقة بالأشياء التي نرجوها، والاقتناع الأكيد بحقيقة الأشياء التي لم ترها أعيننا قط. بالإيمان نعلم أن يسوع حي وبالإيمان نعلم أن مسألة الخطيئة قد سُويت، وأننا في المسيح. وإذ نمضي بإيمانٍ ناظرين إليه، ومستمدين منه موارد جديدة من النعمة يوماً فيوماً، يعمل الإيمان بالمحبة. والمحبة هي تحقيق الناموس، ولذلك لسنا في حاجة لأن نكون تحت الناموس لكي نحيا على نحو قويم صحيح. إن الأمر الطبيعي الوحيد الآن للمسيحيين هو أن يسعوا ليعيشوا لمجد ربنا يسوع المسيح.

دخل طبيب إلى غرفة حيث كنت أزور عائلة كانت لديهم طفلة عزيزة مريضة جداً. لقد كانت قُرّة عين والدتها. وقال الطبيب:‏ "والآن يا سيدة كذا، هناك شيء أود أن أقترحه. بسبب حالة الفتاة الصغيرة أود ألا يُعنى أي أحد غيرك بها. وإن اهتمامك بها وبالطفلة سيعني الكثير الكثير لها. فهي في حالة عصبية شديدة". هل تعتقدون أن تلك الأم قد وجدت في هذا ناموساً تصعب إطاعته؟ إن قلبها الأمومي قادها لأن تجيب على الفور قائلة:‏ "نعم أيها الطبيب، سأحرص على ألا يعتني بها أي أحد غيري. وسأفعل كل ما بوسعي من أجلها". أكانت تلك ناموسية؟ لا بل كانت "إيماناً عاملاً بالمحبة". وهكذا الحال عند المسيحيين. إن كل طاعتنا تنبع من تكرس القلب للرب يسوع المسيح. إننا نُسّرُ بفعل الصلاح، ونُسَرُ بمساعدة الآخرين، ونسر بالكرازة بكلمته، وبخدمة أولئك الذين هم في حاجة أو محنة أو كرب، نسر بما يسميه يسوع نفسه "الأعمال الصالحة". ذلك لأننا نحب المسيح ونريد أن نعمل تلك الأشياء التي يستحسنها. وكل ما عدا ذلك هو "سقوط من النعمة".