الأصحاح ١٠:‏١-‏٤٥

إذ اجتاز يسوع وتلاميذه عبر بيرية شرق الأردن، جاؤوا إلى مخاضة بَيْتِ عَبْرَةَ وعبروا إلى تُخُومِ الْيَهُودِيَّةِ على طريق أورشليم، حيث كان عليه أن يُتمَّ رسالته بالموت كذبيحة تقدمة عظيمة عن الخطيئة على صليب العار.

"وَقَامَ مِنْ هُنَاكَ وَجَاءَ إِلَى تُخُومِ الْيَهُودِيَّةِ مِنْ عَبْرِ الأُرْدُنِّ فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ جُمُوعٌ أَيْضاً وَكَعَادَتِهِ كَانَ أَيْضاً يُعَلِّمُهُمْ. فَتَقَدَّمَ الْفَرِّيسِيُّونَ وَسَأَلُوهُ: «هَلْ يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ؟» لِيُجَرِّبُوهُ. فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «بِمَاذَا أَوْصَاكُمْ مُوسَى؟» فَقَالُوا: «مُوسَى أَذِنَ أَنْ يُكْتَبَ كِتَابُ طَلاَقٍ فَتُطَلَّقُ». فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «مِنْ أَجْلِ قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ كَتَبَ لَكُمْ هَذِهِ الْوَصِيَّةَ وَلَكِنْ مِنْ بَدْءِ الْخَلِيقَةِ ذَكَراً وَأُنْثَى خَلَقَهُمَا اللَّهُ. مِنْ أَجْلِ هَذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ وَيَكُونُ الاِثْنَانِ جَسَداً وَاحِداً. إِذاً لَيْسَا بَعْدُ اثْنَيْنِ بَلْ جَسَدٌ وَاحِدٌ. فَالَّذِي جَمَعَهُ اللَّهُ لاَ يُفَرِّقْهُ إِنْسَانٌ». ثُمَّ فِي الْبَيْتِ سَأَلَهُ تَلاَمِيذُهُ أَيْضاً عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَتَزَوَّجَ بِأُخْرَى يَزْنِي عَلَيْهَا. وَإِنْ طَلَّقَتِ امْرَأَةٌ زَوْجَهَا وَتَزَوَّجَتْ بِآخَرَ تَزْنِي»" (١٠: ١- ١٢).

رغم أن يسوع كان غائباً عن اليهودية لبعض الوقت، إلا أن شهرته سبقتْه إليه، ولجأت إليه جموعٌ من الناس على أهبة الاستعداد لسماع ما كان ليقوله. وبحسب عادته، استغل الفرصة ليعلّمهم.

جاء إليه بعضٌ من طائفة الفريسيين وسألوه عن موضوع الطلاق. قالوا: "«هَلْ يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ؟»" لم يكن هذا الاستفسار عن نية حسنة. ما كانوا يبحثون عن تعليم يتعلق بهذه المسألة، بل فرصة ليتهموه رسمياً. ولو أمكنهم لكانوا يودون أن يُظهروه كمعلّم خطر غير موثوق وهرطوقي منشق يعطي تعاليم مخالفة لناموس موسى.

فأحبط مسعاهم بأن سألهم: "«بِمَاذَا أَوْصَاكُمْ مُوسَى؟»". فأجابوا أن موسى سمح بإصدار كتاب طلاق يُدفع للمرأة غير المرغوبة وغير المحبوبة من قِبَلِ زوجها فتُطلّق.

فقال يسوع أن هذا قد أُجيزَ بسبب قساوة قلب الرجال، لئلا تُضطر المرأة غير المرغوبة من زوجها لأن تتحمل المزيد من المعاملات المهينة أكثر من الطلاق. ولكن لم يكن هذا أسمى ما في فكر الله بخصوص علاقة الزواج.

فمن بَدْءِ الْخَلِيقَةِ خَلَقَ الله الإنسان لتكون امرأة واحدة لرجلٍ واحد، وذلك عندما خلق والدينا الأولين ذكراً وأنثى، وقال: "مِنْ أَجْلِ هَذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونُ الاِثْنَانِ- (اثنان وليس ثلاثة أو أكثر)- جَسَداً وَاحِداً". لذلك عندما يرتبط اثنان برباط الزوجية لا يعودان شخصين منفصلين، لهما الحرية في أن يمضيا أو يبقيا بحسب رغبتهما، بل يصيران جسداً واحداً.

وأضاف يسوع قائلاً: "فَالَّذِي جَمَعَهُ اللَّهُ لاَ يُفَرِّقْهُ إِنْسَانٌ". قد يضع البشر قوانين تنتهك هذا الترتيب الإلهي، ولكن ما من قانون أو مرسوم بشري يمكن أن يُبطل كلمةَ الله. الزواج هو شركة في الحياة. ويقول يسوع في موضع آخر أنه إن خالف متعاقدان شروط الاتفاق وحطم أحدهما قيد الاتفاق، بلجوئه إلى حياة التعايش أو المعاشرة (مع طرف آخر)، فإن الطرف البريء يكون حراً أو مطلقاً (متى ١٩: ٩). ولكن باستثناء هذا الخرق أو النقض لعهد الزواج لا يجوز حلُّ الرباط الزوجي إلا بالموت، كما أوضح لتلاميذه وهم في البيت من جديد، في معزل عن الجموع. أن يطلّقَ رجلٌ امرأته ويتزوج بأخرى هو زنى، وأن تُطلّق امرأةٌ زوجَها وتتزوج بآخر تصبح زانيةً.

في القسم التالي يعبّر يسوع عن اهتمامه المحب بالأطفال الصغار.

"وَقَدَّمُوا إِلَيْهِ أَوْلاَداً لِكَيْ يَلْمِسَهُمْ. وَأَمَّا التَّلاَمِيذُ فَانْتَهَرُوا الَّذِينَ قَدَّمُوهُمْ. فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ ذَلِكَ اغْتَاظَ وَقَالَ لَهُمْ: «دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ لأَنَّ لِمِثْلِ هَؤُلاَءِ مَلَكُوتَ اللَّهِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ لاَ يَقْبَلُ مَلَكُوتَ اللَّهِ مِثْلَ وَلَدٍ فَلَنْ يَدْخُلَهُ». فَاحْتَضَنَهُمْ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ وَبَارَكَهُمْ" (١٠: ١٣- ١٦).

 "قَدَّمُوا إِلَيْهِ أَوْلاَداً .... وَأَمَّا التَّلاَمِيذُ فَانْتَهَرُوا الَّذِينَ قَدَّمُوهُمْ". الآباء الذين شعروا أن الرب سيهتم بأولادهم الصغار أتوا بهم إليه لكيما يضع يديه عليهم بالبركة. وإذ لم يفهم التلاميذ قلب الرب يسوع المسيح، فإنهم حاولوا أن يكبحوا الأهل لئلا ينزعج يسوع من الأولاد. لقد اعتبروا أن في هذا إقحامُ عبءٍ على معلمهم، وكأن انشغاله بالأولاد هو دون مستواه. ولكن يسوع هو صديق الأطفال، كما أوضح في الحال.

"دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ لأَنَّ لِمِثْلِ هَؤُلاَءِ مَلَكُوتَ اللَّهِ". لقد استاء المخلص من موقف التلاميذ، ودعا الأهل ليأتوا بأولادهم، مؤكداً لهم أن الصغار هم أعضاء نموذجيون في الملكوت، بفضل إيمانهم المطلق به. الأطفال هم مهتدون متجددون مثاليون. عندما يصيرون في سن مناسبة ليفهموا قصة الرب يسوع، يصيرون في عمر ملائم لأن يأتوا إليه بثقة إيمانية. إنهم يدخلون إلى ملكوت الله في وقت يرفض فيه من هم أكبر منهم سناً وأوفر منهم حكمةً، بحسب المقاييس البشرية، أن يفعلوا المثل. عندما قال ربنا عن هؤلاء الصغار أن "لِمِثْلِ هَؤُلاَءِ مَلَكُوتَ اللَّهِ"، فإنه لم يكن يعني أن يقول أنهم ليسوا في حاجة إلى أن يتجددوا ليدخلوا حقاً ذلك الملكوت. فهم ينحدرون من نسل ضال ساقط، وهم أولاد الغضب بالطبيعة. ولكن إيمانهم البسيط يجعلهم مؤهلين للملكوت، وفي ذلك هم مثال لنا جميعاً.

"مَنْ لاَ يَقْبَلُ مَلَكُوتَ اللَّهِ مِثْلَ وَلَدٍ فَلَنْ يَدْخُلَهُ". فقط عندما نُظهر هكذا إيمان طفولي ندخل إلى ملكوت الله.

"فَاحْتَضَنَهُمْ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ وَبَارَكَهُمْ". هكذا يتأكد الأهل حتى في يومنا الحاضر أنه، ولو لم يُرَ بالعين البشرية، فإنه يأخذ أولادنا بيديه المحبتين ويمنحهم بركته عندما نأتي بهم إليه بإيمان.

هداية الأولاد:

هناك كثيرون اليوم، هم مثل هؤلاء التلاميذ في ذلك الوقت، يتخيلون أن الأولاد الصغار هم أصغر من أن يأتوا إلى الرب يسوع المسيح. ولكن كلماته أوضح من أن يُساء فهمها. إنه يدعو الأولاد لأن يأتوا إليه، ويشجع الأهل على إحضارهم. في موضع آخر يتحدث عن "هَؤُلاَءِ الصِّغَارِ الْمُؤْمِنِينَ بِي" (متى ١٨: ٦)، ويحذّر بشدة من أن يضع أحدٌ حجر عثرة أمام أقدامهم غير الخبيرة. ومن هنا فإننا محقون عندما نرنم قائلين: "هناك صديق للأولاد الصغار". إنه صديقهم، ويُسرّ بمحبتهم وإيمانهم به، ويعتبرهم أصدقاء له. إنها لحقيقة معروفة أن العدد الأكبر ممن هم اليوم مسيحيون حقيقيون جدّيون قد أتوا إلى المخلص قبل بلوغهم الثانية عشرة من العمر.

الحادث الذي تلا ذلك والذي يشد انتباهنا كان من الملائم جداً وصفه بأنه "الرفض الكبير".

"وَفِيمَا هُوَ خَارِجٌ إِلَى الطَّرِيقِ رَكَضَ وَاحِدٌ وَجَثَا لَهُ وَسَأَلَهُ: «أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟» فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحاً؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحاً إلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللَّهُ. أَنْتَ تَعْرِفُ الْوَصَايَا: لاَ تَزْنِ. لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ. لاَ تَسْلِبْ. أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ». فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ هَذِهِ كُلُّهَا حَفِظْتُهَا مُنْذُ حَدَاثَتِي». فَنَظَرَ إِلَيْهِ يَسُوعُ وَأَحَبَّهُ وَقَالَ لَهُ: «يُعْوِزُكَ شَيْءٌ وَاحِدٌ. اذْهَبْ بِعْ كُلَّ مَا لَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ وَتَعَالَ اتْبَعْنِي حَامِلاً الصَّلِيبَ». فَاغْتَمَّ عَلَى الْقَوْلِ وَمَضَى حَزِيناً لأَنَّهُ كَانَ ذَا أَمْوَالٍ كَثِيرَةٍ" (١٠: ١٧- ٢٢).

خلافاً لجميع الذين سألوا يسوع لكيما يوقعوه في فخ مستندين إلى كلماته بالذات بطريقة أو بأخرى، يبدو هذا الشاب، ولو بالحد الأدنى، جاداً بقوة. نعلم من الإنجيل أنه جاء راكضاً، ثم سقط على ركبتيه أمام يسوع، دلالة التبعية والولاء ليسوع وهو يسأله: "«أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟»".

فرد عليه يسوع مستنداً إلى أسلوبه في المحاججة. وسأله أولاً لماذا استخدم العبارة "الصالح" في حديثه إليه. إذ يقول الكتاب المقدس أنه "لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحاً لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ" (مز ١٤: ٣). فلماذا يخاطب يسوع بالصالح، إذاً، ما لم يكن قد ميّز فيه ابن الله، لأن الله وحده صالحٌ؟ لم يجب الشاب على هذا السؤال.

ثم تلا يسوع الوصايا الست التي تُظهر مسؤوليتنا نحو القريب، بما فيها تلك التي تدعونا لنكرم والدينا، الذين، كما رأينا، يمثلون الله أمام الأولاد في البيت. لقد قال الناموس: "تَحْفَظُونَ فَرَائِضِي وَأحْكَامِي الَّتِي إذَا فَعَلَهَا الْإنْسَانُ يَحْيَا بِهَا" (لاويين ١٨: ٥).

فأجاب الشاب بدون لحظة تردد: "يَا مُعَلِّمُ هَذِهِ كُلُّهَا حَفِظْتُهَا مُنْذُ حَدَاثَتِي".

لقد كان هذا الشاب، ظاهرياً، بلا لوم، كمثل شاول الطرسوسي قبل اهتدائه، لأنه كان يلامس بر الناموس. ما لم يدركه هو أن كل البر البشري ما هو إلا كَثَوْبِ عِدَّةٍ في نظر الله، وذلك بسبب فساد القلب.

لكي يختبره يسوع ويكشف الشر المحتجب في قلبه قال له: "يُعْوِزُكَ شَيْءٌ وَاحِدٌ. اذْهَبْ بِعْ كُلَّ مَا لَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ وَتَعَالَ اتْبَعْنِي حَامِلاً الصَّلِيبَ". إنها دعوة لاقتبال المسيح كمخلص والاعتراف به رباً. لكن ذاك (الشاب) الذي بدا في غاية الجدية في بادئ الأمر، لم يستطع اقتناص الفرصة المتاحة أمامه؛ فذاك الذي ادعى محبة القريب كنفسه لم يكن مستعداً لأن يتخلى عن ثروته لخير الآخرين، ولم يكن مستعداً لأن يسلِّم زمام حياته ليسوع. ولذلك مضى حزيناً لأن ثروته العظيمة وقفت حائلاً بينه وبين الولاء للمسيح. هل تاب أبداً؟ لا نعلم. من الكتاب المقدس نعلم فقط أنه ذهب مغْتَمَّاً، لأنه انصرف عن نور الحياة.

"فَنَظَرَ يَسُوعُ حَوْلَهُ وَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «مَا أَعْسَرَ دُخُولَ ذَوِي الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللَّهِ!» فَتَحَيَّرَ التَّلاَمِيذُ مِنْ كَلاَمِهِ. فَأَجَابَ يَسُوعُ أَيْضاً وَقَالَ لَهُمْ: «يَا بَنِيَّ مَا أَعْسَرَ دُخُولَ الْمُتَّكِلِينَ عَلَى الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللَّهِ! مُرُورُ جَمَلٍ مِنْ ثَقْبِ إِبْرَةٍ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ اللَّهِ!» فَبُهِتُوا إِلَى الْغَايَةِ قَائِلِينَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «فَمَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْلُصَ؟» فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ يَسُوعُ وَقَالَ: «عِنْدَ النَّاسِ غَيْرُ مُسْتَطَاعٍ وَلَكِنْ لَيْسَ عِنْدَ اللَّهِ لأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ عِنْدَ اللَّهِ»" (١٠: ٢٣- ٢٧).

يمكننا أن نستشعر مدى الألم الذي اعتصر قلب الرب وهو يقول للتلاميذ مستغرقاً في التفكير: "«مَا أَعْسَرَ دُخُولَ ذَوِي الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللَّهِ!»".

لقد اندهشوا لسماع ذلك، إذ لا شك أنهم فكروا، كما يفعل الكثيرون اليوم، بأن الفقراء هم أكثر أهلية لدخول الملكوت من الأغنياء. ولكن يسوع أوضح أن الخطر هو في أن يضع الإنسان ثقته بثروته التي تمنع المرء من أن يتخذ مكانه الصحيح أمام الله كخاطئ بائس يمكنه أن يخلص بالنعمة وحسب.

إن مرور الجمل من ثقب الإبرة لهو أسهل من دخول غني ملكوت الله. وحدهم أولئك الذين يبكّتون أنفسهم ويأتون إلى الله، معترفين بحالتهم الضالة وفقرهم الروحي، يجدون مدخلاً إلى هناك.

وسأل التلاميذ مذهولين مبهوتين: "فَمَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْلُصَ؟"

فأجابهم يسوع قائلاً أن كل شيء مستطاع عند الله. حتى الأغنياء يمكن الإتيان بهم إلى مكان لا تعود فيه الثروة هي موضع ثقتهم بل الله الحي.

"وَﭐبْتَدَأَ بُطْرُسُ يَقُولُ لَهُ: «هَا نَحْنُ قَدْ تَرَكْنَا كُلَّ شَيْءٍ وَتَبِعْنَاكَ». فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَال: «ﭐلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ لَيْسَ أَحَدٌ تَرَكَ بَيْتاً أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَباً أَوْ أُمّاً أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَداً أَوْ حُقُولاً لأَجْلِي وَلأَجْلِ الإِنْجِيلِ إِلاَّ وَيَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ الآنَ فِي هَذَا الزَّمَانِ بُيُوتاً وَإِخْوَةً وَأَخَوَاتٍ وَأُمَّهَاتٍ وَأَوْلاَداً وَحُقُولاً مَعَ اضْطِهَادَاتٍ وَفِي الدَّهْرِ الآتِي الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ. وَلَكِنْ كَثِيرُونَ أَوَّلُونَ يَكُونُونَ آخِرِينَ وَالآخِرُونَ أَوَّلِينَ»" (١٠: ٢٨- ٣١).

من الطبيعي أن يخطر على بالنا السؤال حول ما دفع بطرس ليقول ما قال. هل كان قلقاً بخصوص مستقبله ورفاقه التلاميذ إذا ما تمنع الأغنياء عن الهرع نحو يسوع ومساعدته في تأسيس الملكوت المسياني المرتقب؟ لربما كان هذا سبباً. لقد قال: "هَا نَحْنُ قَدْ تَرَكْنَا كُلَّ شَيْءٍ وَتَبِعْنَاكَ". لكأن كلماته تدل ضمنياً على تساؤله إذا ما كانوا جازفوا جميعاً سعياً وراء أمل سراب.

رد يسوع عليه بكلمات مطمئنة رغم أنه ما كان في ذلك الوقت يقوّم بشكل كامل أفكار أتباعه الدنيوية الزمانية بما يخص طبيعة الملكوت الآتي. لقد أعطى وعداً قاطعاً بأنه ما من أحد سيخسر، بل بالحري سيكسب من جراء مشاركته درب الرفض. فقال: "لَيْسَ أَحَدٌ تَرَكَ بَيْتاً أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَباً أَوْ أُمّاً أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَداً أَوْ حُقُولاً لأَجْلِي وَلأَجْلِ الإِنْجِيلِ إِلاَّ وَيَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ الآنَ فِي هَذَا الزَّمَانِ بُيُوتاً وَإِخْوَةً وَأَخَوَاتٍ وَأُمَّهَاتٍ وَأَوْلاَداً وَحُقُولاً مَعَ اضْطِهَادَاتٍ وَفِي الدَّهْرِ الآتِي الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ". ولكنه نبههم إلى حقيقة أن كثيرين من الأولين سيصيرون أخيرين، والأخيرين أولين. وهذا يعني أنه ليس كل من أعطى وعداً بأن يكون تابعاً وفياً مخلصاً سيتابع طريق نكران الذات كرمى لاسم المسيح، كما وأن البعض الذين يبدون متخلفين في مسيرهم والذين كان تكرسهم موضع شك سوف يبرهنون على أنهم صادقون (في إيمانهم) وناكرون لأنفسهم في ساعة التجربة.

إتباع المسيح يعني أن نشترك في كأس آلامه، وأن نقع ضحية سوء فهم، بل وحتى أن نكون عرضة للكراهية ويُفترى علينا في عالم شرير. إن من يسلك هذا الطريق يجد فرحاً في الشركة مع ذلك الملك المنبوذ وفي الصلة الوثيقة مع شركائه في الألم، هذا الفرح الذي لم يعرفه الدنيويون؛ كما ويتطلع برجاء راسخ إلى دخول الحياة الأبدية في الدهر الآتي. المؤمنون جميعاً لهم الآن حياة أبدية مقيمة فيهم ولكن في جسد فاسد. وفي الدهر الآتي سندخل إلى الحياة بكامل ملئها عندما يتم افتداء الجسد والروح على نحو كامل من عبودية الفساد.

"وَكَانُوا فِي الطَّرِيقِ صَاعِدِينَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَيَتَقَدَّمُهُمْ يَسُوعُ وَكَانُوا يَتَحَيَّرُونَ. وَفِيمَا هُمْ يَتْبَعُونَ كَانُوا يَخَافُونَ. فَأَخَذَ الاِثْنَيْ عَشَرَ أَيْضاً وَابْتَدَأَ يَقُولُ لَهُمْ عَمَّا سَيَحْدُثُ لَهُ: «هَا نَحْنُ صَاعِدُونَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَابْنُ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ فَيَحْكُمُونَ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ وَيُسَلِّمُونَهُ إِلَى الأُمَمِ فَيَهْزَأُونَ بِهِ وَيَجْلِدُونَهُ وَيَتْفُلُونَ عَلَيْهِ وَيَقْتُلُونَهُ وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ»" (١٠: ٣٢- ٣٤).

بينما كانت الجماعة الصغيرة تسير نحو أورشليم كان هناك شيء في سيماء ومحيا يسوع جعل التلاميذ يخافون ويضطربون. ويخبرنا لوقا (٩: ٥١) أن يسوع "ثَبَّتَ وَجْهَهُ لِيَنْطَلِقَ إِلَى أُورُشَلِيمَ". لقد كان يعرف تماماً ما ينتظره هناك، ومضى قُدُماً دونما وجل وبتصميم معقود العزم تبدّى بشكل واضح في سيماءه، وجعل الاثني عشر يشعرون بالقلق وعدم الارتياح. هل ستتبدد كل أحلامهم بملكوتٍ مجيدٍ عتيدٍ فيه سيُعلِن يسوع نفسَه كمسيا ويحرر بني إسرائيل من نير الرومان؟ هل تركوا، في نهاية المطاف، كل شيء كانوا يمتلكونه وغامروا بكل شيء على رجاء لا أساس له؟

حاول يسوع أن يجعلهم يفهمون ما سيحدث له، ولكنهم كانوا لا يزالون يخفقون في استيعاب كلماته، وكانت تتملكهم بهوسٍ فكرةُ أن الملكوت على وشك أن يتأسس.

قال أنهم عندما يصلون إلى أورشليم فإن ابن الإنسان سوف يُسلم إلى القادة الدينيين، الذين كانوا دائماً وأبداً خصوماً له، وكانوا ليحكمون عليه بالموت، ويسلّمونه إلى قادتهم الأمميين الذين سيهْزَأُونَ بِهِ وَيَجْلِدُونَهُ وَيَتْفُلُونَ عَلَى وجهه المبارك وفي النهاية يَقْتُلُونَهُ. ولكنه أعطاهم من جديد الوعد بأنه "فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ". ما يلي ذلك يُظهر مدى هشاشة فهم التلاميذ للأمور التي تكلم عنها.

"وَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ يَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا ابْنَا زَبْدِي قَائِلَيْنِ: «يَا مُعَلِّمُ نُرِيدُ أَنْ تَفْعَلَ لَنَا كُلَّ مَا طَلَبْنَا». فَقَالَ لَهُمَا: «مَاذَا تُرِيدَانِ أَنْ أَفْعَلَ لَكُمَا؟» فَقَالاَ لَهُ: «أَعْطِنَا أَنْ نَجْلِسَ وَاحِدٌ عَنْ يَمِينِكَ وَالآخَرُ عَنْ يَسَارِكَ فِي مَجْدِكَ». فَقَالَ لَهُمَا يَسُوعُ: «لَسْتُمَا تَعْلَمَانِ مَا تَطْلُبَانِ. أَتَسْتَطِيعَانِ أَنْ تَشْرَبَا الْكَأْسَ الَّتِي أَشْرَبُهَا أَنَا وَأَنْ تَصْطَبِغَا بِالصِّبْغَةِ الَّتِي أَصْطَبِغُ بِهَا أَنَا؟» فَقَالاَ لَهُ: «نَسْتَطِيعُ». فَقَالَ لَهُمَا يَسُوعُ: «أَمَّا الْكَأْسُ الَّتِي أَشْرَبُهَا أَنَا فَتَشْرَبَانِهَا وَبَالصِّبْغَةِ الَّتِي أَصْطَبِغُ بِهَا أَنَا تَصْطَبِغَانِ. وَأَمَّا الْجُلُوسُ عَنْ يَمِينِي وَعَنْ يَسَارِي فَلَيْسَ لِي أَنْ أُعْطِيَهُ إلاَّ لِلَّذِينَ أُعِدَّ لَهُمْ»" (١٠: ٣٥- ٤٠).

التواضع هو أحد أجمل الورود التي تتفتح في حديقة القلب المتجدد. جميعنا ننزع إلى الكبرياء والخيلاء بالطبيعة. عندما تتملكنا روح المسيح، نظهرُ التواضع والاعتدال اللذين طالما كانا يميزان ربنا المبارك. حيث تسود روح التواضع هذه، تسهل مسامحتنا لأولئك الذين يسيئون إلينا. يبدو هذا بالنسبة لكثيرين خنوعاً صاغراً، ولكن العكس هو الصحيح. تتجلى العظمة في استعداد المرء على نكران ذاته وخدمة الآخرين لأجل المسيح الذي لم يأتِ ليُخدَمَ بل ليخدِمَ ويبذل نفسه فديةً عن الجميع. ليس في وسعنا أن نشارك في عمله الكفاري والفدائي، ولكن يمكننا بل وعلينا أن نتبع مثال حياته في الخدمة المتأنية لبركةِ عالَمٍ بائسٍ محتاجٍ.

عندما التمس يعقوب ويوحنا مراكز مرموقة في الملكوت الآتي، أظهرا كم كان فهمهم ضعيفاً لطبيعته الحقيقية. لم يكن توبيخ الرب لهما بدافع الغضب بل بدافع المحبة لكي يتعلّما المعنى الحقيقي للمشاركة في آلامه ليكون لهما نصيب في المجد العتيد.

"«يَا مُعَلِّمُ نُرِيدُ أَنْ تَفْعَلَ لَنَا كُلَّ مَا طَلَبْنَا»". هذا الالتماس كان يستند إلى الأنانية والطموح الدنيوي. بينما كان التلميذان وبلا شك غير مدركين تماماً لحالة قلبهم الحقيقية، أظهر ذلك أيضاً كم كان ضعيفاً فهمُهم لفكر معلّمهم.

"«مَاذَا تُرِيدَانِ أَنْ أَفْعَلَ لَكُمَا؟»". لقد أراد الرب يسوع أن يعبّرا علناً عما يجول في خاطرهما. لذلك سألهما أن يفصحا عن مرادهما.

"«أَعْطِنَا أَنْ نَجْلِسَ وَاحِدٌ عَنْ يَمِينِكَ وَالآخَرُ عَنْ يَسَارِكَ فِي مَجْدِكَ»". لقد كانا يرغبان أن ينالا المراكز المرموقة في الملكوت الآتي. لم يدركا كم كان الرب يسوع المسيح يبغض هكذا مطامح.

إدراك المناصب والمسؤولية في الملكوت: صحيح تماماً أن ربنا سوف يمنح تكريماً وتقديراً خاصاً لأتباع محددين له عندما يعود لتأسيس ملكوته. لقد أوضح ذلك في أقوال عديدة (متى ١٩: ٢٨؛ لوقا ١٩: ١٧). ولكن أولئك الذين سيتبوءون أعلى المراكز آنذاك هم أولئك الذين ارتضوا أن يأخذوا المناصب الوضيعة في غياب الملك والذين كانوا على استعداد لأن يتألموا دون تذمر لأجله.

"لَسْتُمَا تَعْلَمَانِ مَا تَطْلُبَانِ". كان يسوع ليريد لهما أن يدركا ضآلة فهمهما لما سيجري عن قريب. فسألهما: "أَتَسْتَطِيعَانِ أَنْ تَشْرَبَا الْكَأْسَ الَّتِي أَشْرَبُهَا أَنَا وَأَنْ تَصْطَبِغَا بِالصِّبْغَةِ الَّتِي أَصْطَبِغُ بِهَا أَنَا؟" لقد كان يشير إلى كأس الرفض والمحاكمة والإدانة التي سترفع إلى شفتيه ليشربها، وإلى معمودية الموت التي سيقتبلها على الصليب.

وإذ لم يعرفا ما يقولان، أعلن يعقوب ويوحنا قائلين: "«نَسْتَطِيعُ»". لقد كان ولاؤهما وإخلاصهما واضحاً، ولكن كان غائباً عن ذهنهما الفهم الكامل لطبيعة ذاك الكأس والمعمودية. فرد يسوع قائلاً أنهما، بل ريب، سيشربان كأسه ويصْطَبِغَانِ بَالصِّبْغَةِ الَّتِي يصْطَبِغُ بِهَا (إذ أن كل من يتبعه عليهم أن يتذوقوا كأس الرفض والنبذ من قِبَلِ العالم ويُسلمون دائماً إلى الموت من أجله)، وأما أن يجلسا عن يمينه وعن يساره فلم يكن له أن يمنحهما بل كان ذلك من نصيب من أُعِدَّ لهم هذا الشرف. ما من إنسان يمكنه أن يختار موقعه في الملكوت عندما سيعتلن بقوة ومجد. فكلٌ سيأخذ المكان الذي يستحقه عندئذ بحسب الحياة والخدمة التي مارسها على الأرض.

"وَلَمَّا سَمِعَ الْعَشَرَةُ ابْتَدَأُوا يَغْتَاظُونَ مِنْ أَجْلِ يَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا. فَدَعَاهُمْ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِينَ يُحْسَبُونَ رُؤَسَاءَ الأُمَمِ يَسُودُونَهُمْ وَأَنَّ عُظَمَاءَهُمْ يَتَسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ. فَلاَ يَكُونُ هَكَذَا فِيكُمْ. بَلْ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَصِيرَ فِيكُمْ عَظِيماً يَكُونُ لَكُمْ خَادِماً وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَصِيرَ فِيكُمْ أَوَّلاً يَكُونُ لِلْجَمِيعِ عَبْداً. لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ أَيْضاً لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ»" (١٠: ٤١- ٤٥).

"لَمَّا سَمِعَ الْعَشَرَةُ ابْتَدَأُوا يَغْتَاظُونَ". كان لدى التلاميذ الآخرين أيضاً رغبة في الشهرة والبروز، فكانوا ساخطين على يعقوب ويوحنا اللذين التمسا الحصول على أعلى المناصب سابقين إياهم إلى ذلك.

"عُظَمَاءهُمْ يَتَسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ". كان من الصعب جداً على التلاميذ أن يفصلوا بين فكرة الملكوت والمناصب المرموقة البارزة لهم. إلا أن الملكوت الذي فيه يكون يسوع المسيح رباً هو ملكوت محبة، حيث على الجميع أن يسعوا لبركة الآخرين، وتأخذ الخدمة المتواضعة مكان التسلط المتغطرس. ليست ممالك العالم هكذا. فهناك العظيم يطغي على أولئك الأقل منه.

"لاَ يَكُونُ هَكَذَا فِيكُمْ". في ملكوت الله يسود القانون المعاكس تماماً. أولئك الذين يُعتبرون عظماء في السماء هم أولئك الذين يعملون جاهدين لبركة إخوتهم البشر.

"مَنْ أَرَادَ أَنْ يَصِيرَ فِيكُمْ عَظِيماً يَكُونُ لَكُمْ خَادِماً". ربنا نفسه هو المثال البارز هنا. فذاك الذي كان رب الجميع أصبح خادماً للكل لكي يأتي الناس إلى الله. وإننا مدعوون للسير في إثر خطواته.

"ابْنَ الإِنْسَانِ أَيْضاً لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ". لقد ترك المجد إلى جوار الآب، وجاء إلى هذا العالم، وصار إنساناً لكي يموت. لم يطلب ولو مرة واحدة على الإطلاق تقديراً أو اعترافاً بخدماته. لقد كان ليرضى أن يُهان ويُنْبذ لكي يحقق الهدف من رسالته في الفداء. فهل نجرؤ، نحن الذين ندين بكل شيء إلى الأبد إلى تواضعه، على أن نتوق إلى مجدٍ دنيوي وأن نسعى إلى الحصول على استحسان إخوتنا البشر أكثر من استحسان الله؟