الفصل ١

اليهود، والأمميون، وكنيسة الله

"كُونُوا بِلاَ عَثْرَةٍ لِلْيَهُودِ وَلِلْيُونَانِيِّينَ وَلِكَنِيسَةِ اللهِ" (١كو ١٠: ٧- ٣٢).

من يقرأ الكتاب المقدس بتركيز يعرف أن أكثر من نصف محتوياته يتعلق بالشعب العبري. ويُدرك أن لهم وضعاً خاصاً في تعامل الله ومشوراته. لقد فرزهم الله في القديم عن بقية الناس، وقطع عهداً معهم، واعداً إياهم بأشياء تميزهم عن باقي الشعوب. تاريخهم نعرفه من العهد القديم- ولا نعرف عن الشعوب الأخرى سوى من خلال علاقتهم مع بني إسرائيل. يبدو أيضاً أن جميع تواصلات الله مع إسرائيل لها علاقة بالأرضيات. فإن كان الشعب أميناً ومطيعاً وعدهم الله بخيرات أرضية كثيرة وبالغنى وبالقوة؛ ولكن إن برهنوا على عدم إخلاص وأظهروا عصياناً، فسيبعثرهم "فِي جَمِيعِ الشُّعُوبِ مِنْ أَقْصَاءِ الأَرْضِ إِلى أَقْصَائِهَا" (التثنية ٢٨: ٦٤). وحتى الوعد بالمسيّا سيكون بركة إلى "جَمِيعِ قَبَائِلِ الأَرْضِ".

خلال الاستطراد في هذا البحث، سيجد الدارس في الكتاب المقدس هيئة أخرى مميزة، تُدعى الكنيسة. وهذه الجماعة لها علاقة خاصة مميزة مع الله، وتنال مواعيد محددة، مثل إسرائيل. ولكن ليس من تشابه آخر بينهما، ويبدأ التضاد والتناقض بينهما. فالكنيسة لن تكون من النسل الطبيعي لإبراهيم وحده، بل إنها جماعة تضم اليهود والأمميين سواسية. ولن يكون هناك علاقة عهد فقط مع الله بل ولادة. وبدل الطاعة التي تأتي بالخير والازدهار الأرضي، يُطلب من الكنيسة أن تكون راضية بالطعام والشراب والكساء، وأن تتوقع الاضطهاد والبغضاء من العالم. وبينما بني إسرائيل يرتبطون بأمور أرضية ومؤقتة، نجد الكنيسة تتميز عنهم بأمور روحية وسماوية مقدسة.

إضافة إلى ذلك، يري الكتاب المقدس للدارس أنه لن يكون هناك بقاء دائم لإسرائيل أو للكنيسة. كل منهما له بداية واضحة مُسجلة في التاريخ. فتاريخ إسرائيل يبدأ بدعوة إبراهيم. وسيجد الدارس أن ولادة الكنيسة لم تكن قبل أو خلال حياة المسيح على الأرض، إذ نجد أن المسيح يتكلم عن كنيسته على أنها ستنشأ لاحقاً، إذ يقولنه

إذ يقول في (متى ١٦: ١٨): "عَلَى هَذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْنِي (سوف أبني) كَنِيسَتِي".

ليس "بنيتُ" (في الماضي) أو "أبني" (في الحاضر)، بل "سوف أبني" (في المستقبل).

وسيجد الدارس أيضاً من أفسس ٣: ٥- ١٠، أن الكنيسة لم تُذكر في أية نبوءة من العهد القديم، بل كانت، في تلك العصور، سراً "مكتوماً في الله". كتابياً، سيجد ولادة الكنيسة في أعمال ٢، ونهاية وجودها على الأرض في ١ تسالونيكي ٤.

سيجد الدارس أيضاً، في تقسيم كتابي للعرق، فئة أخرى، قلما تُذكر، ومتمايزة في كل جانب منها عن إسرائيل أو الكنيسة- ألا وهم الأمميون. المقارنة في المكانة بين اليهود والأمميين والكنيسة نجدها باختصار في المقاطع الكتابية التالية:

اليهودالأمميونالكنيسة

رومية ٩: ٤، ٥

يوحنا ٤: ٢٢

رومية ٣: ١، ٢

أفسس ٢: ١١، ١٢

أفسس ٤: ١٧، ١٨

مرقس ٧: ٢٧، ٢٨

أفسس ١: ٢٢، ٢٣

أفسس ٥: ٢٩- ٣٣

١ بطرس ٢: ٩

وبالتالي، إن قارننا بين النصوص الكتابية المتعلقة بإسرائيل والكنيسة، سنجد أنه في الأصل، الدعوة، والوعد، والعبادة، ومبادئ السلوك، والمصير المستقبلي- كلها تتغاير.

الدعوة
إسرائيلالكنيسة

"وَقَالَ الرَّبُّ لأبْرَامَ: «اذْهَبْ مِنْ أرْضِكَ وَمِنْ عَشِيرَتِكَ وَمِنْ بَيْتِ أبِيكَ إلَى الأرْضِ الَّتِي أرِيكَ" (تكوين ١٢: ١).

"لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ آتٍ بِكَ إِلى أَرْضٍ جَيِّدَةٍ أَرْضِ أَنْهَارٍ مِنْ عُيُونٍ وَغِمَارٍ تَنْبَعُ فِي البِقَاعِ وَالجِبَالِ. أَرْضِ حِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ وَكَرْمٍ وَتِينٍ وَرُمَّانٍ. أَرْضِ زَيْتُونِ زَيْتٍ وَعَسَلٍ. أَرْضٌ ليْسَ بِالمَسْكَنَةِ تَأْكُلُ فِيهَا خُبْزاً وَلا يُعْوِزُكَ فِيهَا شَيْءٌ. أَرْضٌ حِجَارَتُهَا حَدِيدٌ وَمِنْ جِبَالِهَا تَحْفُرُ نُحَاساً" (تثنية ٨: ٧- ٩).

"فَقَالَ: «أنَا عَبْدُ ابْرَاهِيمَ. وَالرَّبُّ قَدْ بَارَكَ مَوْلايَ جِدّاً فَصَارَ عَظِيماً وَأعْطَاهُ غَنَما وَبَقَراً وَفِضَّةً وَذَهَباً وَعَبِيداً وَامَاءً وَجِمَالاً وَحَمِيراً" (تكوين ٢٤: ٣٤- ٣٥).

"يَجْعَلُ الرَّبُّ أَعْدَاءَكَ القَائِمِينَ عَليْكَ مُنْهَزِمِينَ أَمَامَكَ. فِي طَرِيقٍ وَاحِدَةٍ يَخْرُجُونَ عَليْكَ وَفِي سَبْعِ طُرُقٍ يَهْرُبُونَ أَمَامَكَ" (تثنية ٢٨: ٧).

"وَيَجْعَلُكَ الرَّبُّ رَأْساً لا ذَنَباً وَتَكُونُ فِي الاِرْتِفَاعِ فَقَطْ وَلا تَكُونُ فِي الاِنْحِطَاطِ" (تثنية ٢٨: ١٣).

"مِنْ ثَمَّ أَيُّهَا الإِخْوَةُ الْقِدِّيسُونَ، شُرَكَاءُ الدَّعْوَةِ السَّمَاوِيَّةِ" (عبرانيين ٣: ١).

"فَإِنَّ سِيرَتَنَا (موطننا) نَحْنُ هِيَ فِي السَّمَاوَاتِ، الَّتِي مِنْهَا أَيْضاً نَنْتَظِرُ مُخَلِّصاً هُوَ الرَّبُّ يَسُوعُ الْمَسِيحُ" (فيلبي ٣: ٢٠).

"فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِلثَّعَالِبِ أَوْجِرَةٌ وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ أَوْكَارٌ وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ»" (متى ٨: ٢٠).

"لِمِيرَاثٍ لاَ يَفْنَى وَلاَ يَتَدَنَّسُ وَلاَ يَضْمَحِلُّ، مَحْفُوظٌ فِي السَّمَاوَاتِ لأَجْلِكُمْ" (١ بطرس ١: ٤).

"إِلَى هَذِهِ السَّاعَةِ نَجُوعُ وَنَعْطَشُ وَنَعْرَى وَنُلْكَمُ وَلَيْسَ لَنَا إِقَامَةٌ" (١ كور ٤: ١١).

"فَنَظَرَ يَسُوعُ حَوْلَهُ وَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «مَا أَعْسَرَ دُخُولَ ذَوِي الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللَّهِ!»" (مرقس ١٠: ٢٣).

"اسْمَعُوا يَا إِخْوَتِي الأَحِبَّاءَ، أَمَا اخْتَارَ اللَّهُ فُقَرَاءَ هَذَا الْعَالَمِ أَغْنِيَاءَ فِي الإِيمَانِ، وَوَرَثَةَ الْمَلَكُوتِ الَّذِي وَعَدَ بِهِ الَّذِينَ يُحِبُّونَهُ؟" (يعقوب ٢: ٥).

"سَيُخْرِجُونَكُمْ مِنَ الْمَجَامِعِ بَلْ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَظُنُّ كُلُّ مَنْ يَقْتُلُكُمْ أَنَّهُ يُقَدِّمُ خِدْمَةً لِلَّهِ" (يوحنا ١٦: ٢).

"فَمَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ مِثْلَ هَذَا الْوَلَدِ فَهُوَ الأَعْظَمُ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ" (متى ١٨: ٤).

بالطبع، إن اليهودي التقي كان يذهب إلى السماء عند وفاته. الفرق هو أن الحافز إلى التقوى في حالته كان البركات الأرضية، وليس السماوية. يجب القول أنه في هذا الدهر التدبيري، لا يستطيع اليهودي ولا الأممي أن يخلصوا إلا بالإيمان بالرب يسوع المسيح وبه يُولدون من جديد (يوحنا ٣: ٣، ١٦). ويعتمدون إلى "جسد واحد" (١ كور ١٢: ١٣) ألا وهو "الكنيسة" (أفسس ١: ٢٢، ٢٣). في الكنيسة يختفي التمييز بين اليهودي والأممي (١ كور ١٢: ١٣؛ غلا ٣: ٢٨؛ أف ٢: ١٤). ولذلك ففي كتابته الرسالة إلى أهل أفسس، يتكلم الرسول بولس عنهم على أنهم "في الماضي" أُمميين، أفسس ٢: ١١؛ و"عندما كنتم أمميين"، ١ كور ١٢: ٢.

التغاير بين إسرائيل والكنيسة يمكن رؤيته في القواعد والقوانين المعطاة لسلوك كل منهما. قارن:

إسرائيلالكنيسة

"مَتَى أَتَى بِكَ الرَّبُّ إِلهُكَ إِلى الأَرْضِ التِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِليْهَا لِتَمْتَلِكَهَا وَطَرَدَ شُعُوباً كَثِيرَةً مِنْ أَمَامِكَ: الحِثِّيِّينَ وَالجِرْجَاشِيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالكَنْعَانِيِّينَ وَالفِرِزِّيِّينَ وَالحِوِّيِّينَ وَاليَبُوسِيِّينَ سَبْعَ شُعُوبٍ أَكْثَرَ وَأَعْظَمَ مِنْكَ وَدَفَعَهُمُ الرَّبُّ إِلهُكَ أَمَامَكَ وَضَرَبْتَهُمْ فَإِنَّكَ تُحَرِّمُهُمْ. لا تَقْطَعْ لهُمْ عَهْداً وَلا تُشْفِقْ عَليْهِمْ" (تثنية ٧: ١، ٢).

"وَعَيْنا بِعَيْنٍ وَسِنّا بِسِنٍّ وَيَدا بِيَدٍ وَرِجْلا بِرِجْلٍ وَكَيّا بِكَيٍّ وَجُرْحا بِجُرْحٍ وَرَضّا بِرَضٍّ" (خروج ٢١: ٢٤، ٢٥).

"إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ ابْنٌ مُعَانِدٌ وَمَارِدٌ لا يَسْمَعُ لِقَوْلِ أَبِيهِ وَلا لِقَوْلِ أُمِّهِ وَيُؤَدِّبَانِهِ فَلا يَسْمَعُ لهُمَا. يُمْسِكُهُ أَبُوهُ وَأُمُّهُ وَيَأْتِيَانِ بِهِ إِلى شُيُوخِ مَدِينَتِهِ وَإِلى بَابِ مَكَانِهِ وَيَقُولانِ لِشُيُوخِ مَدِينَتِهِ: ابْنُنَا هَذَا مُعَانِدٌ وَمَارِدٌ لا يَسْمَعُ لِقَوْلِنَا وَهُوَ مُسْرِفٌ وَسِكِّيرٌ. فَيَرْجُمُهُ جَمِيعُ رِجَالِ مَدِينَتِهِ بِحِجَارَةٍ حَتَّى يَمُوتَ. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ بَيْنِكُمْ وَيَسْمَعُ كُلُّ إِسْرَائِيل وَيَخَافُونَ" (تثنية ٢١: ١٨- ٢١).

"وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ" (متى ٥: ٤٤).

"وَنَتْعَبُ عَامِلِينَ بِأَيْدِينَا. نُشْتَمُ فَنُبَارِكُ. نُضْطَهَدُ فَنَحْتَمِلُ. يُفْتَرَى عَلَيْنَا فَنَعِظُ. صِرْنَا كَأَقْذَارِ الْعَالَمِ وَوَسَخِ كُلِّ شَيْءٍ إِلَى الآنَ" (١ كور ٤: ١٢، ١٣).

"وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضاً" (متى ٥: ٣٩).

"فَقَامَ وَجَاءَ إِلَى أَبِيهِ. وَإِذْ كَانَ لَمْ يَزَلْ بَعِيداً رَآهُ أَبُوهُ فَتَحَنَّنَ وَرَكَضَ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ. فَقَالَ لَهُ الاِبْنُ: يَا أَبِي أَخْطَأْتُ إِلَى السَّمَاءِ وَقُدَّامَكَ وَلَسْتُ مُسْتَحِقّاً بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ابْناً. فَقَالَ الأَبُ لِعَبِيدِهِ: أَخْرِجُوا الْحُلَّةَ الأُولَى وَأَلْبِسُوهُ وَاجْعَلُوا خَاتَماً فِي يَدِهِ وَحِذَاءً فِي رِجْلَيْهِ وَقَدِّمُوا الْعِجْلَ الْمُسَمَّنَ وَاذْبَحُوهُ فَنَأْكُلَ وَنَفْرَحَ" (لوقا ١٥: ٢٠- ٢٣).

 

في مواعيد العبادة أيضاً نجد تغايراً. كان يُمكن لبني إسرائيل أن يعبدوا الله في مكان واحد فقط، وعلى مبعدة من الله- فيدنون إليه فقط عن طريق كاهن. أما الكنيسة فتُمارس العبادة أينما اجتمع اثنان أو ثلاثة، إذ تكفي الجرأة للدخول إلى قدس الأقداس، والكهنة جزء من المتعبدين. قارن:

لاويين ١٧: ٨، ٩قارنها معمتى ١٨: ٢٠
لوقا ١: ١٠قارنها مععبرانيين ١٠: ١٩، ٢٠
العدد ٨: ١٠قارنها مع١ بطرس ٢: ٥
 

وفي التنبؤات المتعلقة بمستقبل إسرائيل والكنيسة، نجد الفرق هائل ومذهل. الكنيسة ستُختطف من كل الأرض، ولكن إسرائيل سيُستعاد في المستقبل عسى أن يتمتع ببعض الازدهار على الأرض. قارن بين ما تقوله نصوص الكتاب المقدس:

بالنسبة إلى الكنيسة:

"فِي بَيْتِ أَبِي مَنَازِلُ كَثِيرَةٌ وَإِلاَّ فَإِنِّي كُنْتُ قَدْ قُلْتُ لَكُمْ. أَنَا أَمْضِي لِأُعِدَّ لَكُمْ مَكَاناً وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَاناً آتِي أَيْضاً وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ حَتَّى حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيْضاً" (يوحنا ١٤: ٢، ٣).

"فَإِنَّنَا نَقُولُ لَكُمْ هَذَا بِكَلِمَةِ الرَّبِّ: إِنَّنَا نَحْنُ الأَحْيَاءَ الْبَاقِينَ إِلَى مَجِيءِ الرَّبِّ لاَ نَسْبِقُ الرَّاقِدِينَ. لأَنَّ الرَّبَّ نَفْسَهُ سَوْفَ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ بِهُتَافٍ، بِصَوْتِ رَئِيسِ مَلاَئِكَةٍ وَبُوقِ اللهِ، وَالأَمْوَاتُ فِي الْمَسِيحِ سَيَقُومُونَ أَوَّلاً. ثُمَّ نَحْنُ الأَحْيَاءَ الْبَاقِينَ سَنُخْطَفُ جَمِيعاً مَعَهُمْ فِي السُّحُبِ لِمُلاَقَاةِ الرَّبِّ فِي الْهَوَاءِ، وَهَكَذَا نَكُونُ كُلَّ حِينٍ مَعَ الرَّبِّ" (١ تسالونيكي ٤: ١٥- ١٧).

"فَإِنَّ سِيرَتَنَا نَحْنُ هِيَ فِي السَّمَاوَاتِ، الَّتِي مِنْهَا أَيْضاً نَنْتَظِرُ مُخَلِّصاً هُوَ الرَّبُّ يَسُوعُ الْمَسِيحُ، الَّذِي سَيُغَيِّرُ شَكْلَ جَسَدِ تَوَاضُعِنَا لِيَكُونَ عَلَى صُورَةِ جَسَدِ مَجْدِهِ، بِحَسَبِ عَمَلِ اسْتِطَاعَتِهِ أَنْ يُخْضِعَ لِنَفْسِهِ كُلَّ شَيْءٍ" (فيلبي ٣: ٢٠، ٢١).

"لِنَفْرَحْ وَنَتَهَلَّلْ وَنُعْطِهِ الْمَجْدَ، لأَنَّ عُرْسَ الْحَمَلِ قَدْ جَاءَ، وَامْرَأَتُهُ هَيَّأَتْ نَفْسَهَا. وَأُعْطِيَتْ أَنْ تَلْبَسَ بَزّاً نَقِيّاً بَهِيّاً، لأَنَّ الْبَزَّ هُوَ تَبَرُّرَاتُ الْقِدِّيسِينَ». وَقَالَ لِيَ: «اكْتُبْ: طُوبَى لِلْمَدْعُوِّينَ إِلَى عَشَاءِ عُرْسِ الْحَمَلِ»" (رؤيا ١٩: ٧- ٩).

"مُبَارَكٌ وَمُقَدَّسٌ مَنْ لَهُ نَصِيبٌ فِي الْقِيَامَةِ الأُولَى. هَؤُلاَءِ لَيْسَ لِلْمَوْتِ الثَّانِي سُلْطَانٌ عَلَيْهِمْ، بَلْ سَيَكُونُونَ كَهَنَةً لِلَّهِ وَالْمَسِيحِ، وَسَيَمْلِكُونَ مَعَهُ أَلْفَ سَنَةٍ" (رؤيا ٢٠: ٦).

بالنسبة إلى إسرائيل:

"وَهَا أَنْتِ (١) سَتَحْبَلِينَ وَ(٢) تَلِدِينَ ابْناً وَ(٣) تُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. (٤) هَذَا يَكُونُ عَظِيماً وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى وَ(٥) يُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلَهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ وَ(٦) يَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ وَ(٧) لاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ" (لوقا ١: ٣١- ٣٣).

(من هذه الوعود السبعة المعطاة لمريم، أربعة منها تحققت لتوها حرفياً. فبأي قاعدة تفسير يمكن لنا أن نتجرأ على القول بأن الثلاثة الباقية لن تتحقق؟)

"سِمْعَانُ قَدْ أَخْبَرَ كَيْفَ افْتَقَدَ اللهُ أَوَّلاً الْأُمَمَ لِيَأْخُذَ مِنْهُمْ شَعْباً عَلَى اسْمِهِ. وَهَذَا تُوافِقُهُ أَقْوَالُ الأَنْبِيَاءِ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: سَأَرْجِعُ بَعْدَ هَذَا وَأَبْنِي أَيْضاً خَيْمَةَ دَاوُدَ السَّاقِطَةَ وَأَبْنِي أَيْضاً رَدْمَهَا وَأُقِيمُهَا ثَانِيَةً" (أعمال ١٥: ١٤- ١٦).

"أَقُولُ: أَلَعَلَّ اللهَ رَفَضَ شَعْبَهُ؟ حَاشَا! لأَنِّي أَنَا أَيْضاً إِسْرَائِيلِيٌّ مِنْ نَسْلِ إِبْرَاهِيمَ مِنْ سِبْطِ بِنْيَامِينَ. فَأَقُولُ: أَلَعَلَّهُمْ عَثَرُوا لِكَيْ يَسْقُطُوا؟ حَاشَا! بَلْ بِزَلَّتِهِمْ صَارَ الْخَلاَصُ لِلأُمَمِ لإِغَارَتِهِمْ. لأَنَّهُ إِنْ كُنْتَ أَنْتَ قَدْ قُطِعْتَ مِنَ الزَّيْتُونَةِ الْبَرِّيَّةِ حَسَبَ الطَّبِيعَةِ وَطُعِّمْتَ بِخِلاَفِ الطَّبِيعَةِ فِي زَيْتُونَةٍ جَيِّدَةٍ فَكَمْ بِالْحَرِيِّ يُطَعَّمُ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ هُمْ حَسَبَ الطَّبِيعَةِ فِي زَيْتُونَتِهِمِ الْخَاصَّةِ؟ فَإِنِّي لَسْتُ أُرِيدُ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تَجْهَلُوا هَذَا السِّرَّ لِئَلاَّ تَكُونُوا عِنْدَ أَنْفُسِكُمْ حُكَمَاءَ. أَنَّ الْقَسَاوَةَ قَدْ حَصَلَتْ جُزْئِيّاً لإِسْرَائِيلَ إِلَى أَنْ يَدْخُلَ مِلْؤُ الأُمَمِ وَهَكَذَا سَيَخْلُصُ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ. كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «سَيَخْرُجُ مِنْ صِهْيَوْنَ الْمُنْقِذُ وَيَرُدُّ الْفُجُورَ عَنْ يَعْقُوبَ" (رومية ١١: ١، ١١، ٢٤- ٢٦).

"وَيَكُونُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَنَّ السَّيِّدَ يُعِيدُ يَدَهُ ثَانِيَةً لِيَقْتَنِي بَقِيَّةَ شَعْبِهِ الَّتِي بَقِيَتْ مِنْ أَشُّورَ وَمِنْ مِصْرَ وَمِنْ فَتْرُوسَ وَمِنْ كُوشَ وَمِنْ عِيلاَمَ وَمِنْ شِنْعَارَ وَمِنْ حَمَاةَ وَمِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ. وَيَرْفَعُ رَايَةً لِلأُمَمِ وَيَجْمَعُ مَنْفِيِّي إِسْرَائِيلَ وَيَضُمُّ مُشَتَّتِي يَهُوذَا مِنْ أَرْبَعَةِ أَطْرَافِ الأَرْضِ" (أشعياء ١١: ١١- ١٢).

"لأَنَّ الرَّبَّ سَيَرْحَمُ يَعْقُوبَ وَيَخْتَارُ أَيْضاً إِسْرَائِيلَ وَيُرِيحُهُمْ فِي أَرْضِهِمْ فَتَقْتَرِنُ بِهِمِ الْغُرَبَاءُ وَيَنْضَمُّونَ إِلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ" (أشعياء ١٤: ١).

"هَا أَيَّامٌ تَأْتِي يَقُولُ الرَّبُّ وَأُقِيمُ لِدَاوُدَ غُصْنَ بِرٍّ فَيَمْلِكُ مَلِكٌ وَيَنْجَحُ وَيُجْرِي حَقّاً وَعَدْلاً فِي الأَرْضِ. فِي أَيَّامِهِ يُخَلَّصُ يَهُوذَا وَيَسْكُنُ إِسْرَائِيلُ آمِناً وَهَذَا هُوَ اسْمُهُ الَّذِي يَدْعُونَهُ بِهِ: الرَّبُّ بِرُّنَا" (إرميا ٢٣: ٥- ٦).

"هَئَنَذَا أَجْمَعُهُمْ مِنْ كُلِّ الأَرَاضِي الَّتِي طَرَدْتُهُمْ إِلَيْهَا بِغَضَبِي وَغَيْظِي وَبَسَخْطٍ عَظِيمٍ وَأَرُدُّهُمْ إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ وَأُسَكِّنُهُمْ آمِنِينَ. وَيَكُونُونَ لِي شَعْباً وَأَنَا أَكُونُ لَهُمْ إِلَهاً" (إرميا ٣٢: ٣٧- ٣٨).

"تَرَنَّمِي يَا ابْنَةَ صِهْيَوْنَ. اهْتِفْ يَا إِسْرَائِيلُ. افْرَحِي وَابْتَهِجِي بِكُلِّ قَلْبِكِ يَا ابْنَةَ أُورُشَلِيمَ. قَدْ نَزَعَ الرَّبُّ الأَقْضِيَةَ عَلَيْكِ. أَزَالَ عَدُوَّكِ. مَلِكُ إِسْرَائِيلَ الرَّبُّ فِي وَسَطِكِ. لاَ تَنْظُرِينَ بَعْدُ شَرّاً" (صفنيا ٣: ١٤- ١٥).

لعله يصح ما قيل بأن تهويد الكنيسة قد أثر كثيراً عليها لمحاولة إعاقة تقدمها، ومنع رسالتها، وتدمير روحانيتها، أكثر من كل الأسباب الأخرى مجتمعة. فبدلاً من أن تنفصل الكنيسة عن العالم وتسير في طريقها الخاص مُتبعة الرب في دعوتها السماوية، راحت تستخدم الكتابات اليهودية (العهد القديم) لتُبرر نفسها في تخفيض هدفها إلى تمدين العالم، وكسب الثروة، واستخدام شعائر مفروضة، وتشييد كنائس فخمة، ومُباركة الصراعات بين الجيوش على أنها بركة من الله، وتقسيم الإخوة المتساويين إلى فئتين: "الإكليروس" و"العلمانيين".